في حنايا ذكرى وطنية ثبتت جذور شعب برمته في أعماق أرض طاهرة تفوح كل ذرة من ثراها بعبق بطولات وانتصارات مليون ونصف مليون شهيد. يتنفس خلف من لدن ذاك السلف حرية وعزة وكرامة، فاستحقت الذكرى أن تحمل شعلتين، استحقت 5 جويلية أن ترفع شرف الحرية بيمينها وتحدي المستقبل بيسارها، حتى لا تكون الذكرى مناسبة للافتخار فحسب بل وللاعتبار، وإن كانت المناسبة أكبر وأعظم من كل الاعتبارات. 5 جويلية الذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب، وإن كانت قد اختارت لنفسها هذا العام حلة افريقية وحلولها يصادف انطلاق المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، تكون قد أضفت على عظمتها عظمة أكبر، وهي تشهد عودة القارة الإفريقية إلى أرض الأحرار بعد أربعين عاما من نزولها الأول. تأتي 5 جويلية لترتبط بحدث قاري يضاف للرصيد المشرف للجزائر، التي ما كانت لتحتضن حدثا بأهمية المهرجان الإفريقي لولا إيمان الاتحاد الإفريقي وثقته بقدرة الجزائر واتساعها لجمع شمل الشعوب السمراء على اختلاف لغاتهم ودياناتهم واعتقاداتهم وثقافاتهم. ثقة منبعها ثراء السجل التاريخي التحرري الثوري الجزائري، الذي زادت منارته اشتعالا بتاريخ شكل نقطة تحول في مسار شعب رفض التبعية فصنع أعظم ثورة في تاريخ الإنسانية مازال صدى صخبها يتردد عبر كل شارع من شوارعها، وكل قرية من قراها وكل ساحة من ساحاتها مازالت حرارة أبطالها كامنة في صدور وأفئدة جيل الاستقلال جيل البناء جيل اليوم والغد، شباب شرب من تاريخه حتى الثمالة، ليقف حصنا منيعا مشكلا حمى الجزائر مرددا على إيقاع من سبقوه ''شغلنا الورى وملأنا الدنا بشعر نرتله كالصلاة تسابيحه من حنايا الجزائر''.