عناق وقبل وضم وما شابه من سلوكات ومشاهد مشينة أمام مرأى الجميع وسط الأحياء والشوارع وداخل الحرم الجامعي وحتى في الحافلات، أخلت بالحياء وهتكت عرض الآداب العامة ودفعت بالواحد منا إلي تجنب مرافقة ذويه حرصا على حرمة العلاقة الأخوية والأبوية والزوجية. أمام انبهارنا المذهل بتقدم الغرب علينا في كل الميادين وتأثرنا الفظيع لما يعرض على القنوات الفضائية الغربية وحتى منها العربية، وجد بعض الشباب ذكورا وإناثا أنفسهم ينتهكون حرمات الآداب العامة ويقدمون على عناق وتقبيل وضم بعضهم البعض أمام الملء، متجاهلين أوربما جاهلين أن هذه التصرفات كانت ولا تزال من المحرمات ومن الأفعال المحظورة و الخادشة لحياء أخلاقنا. فمن منا لم يصادف أمام جامعة من الجامعات وحتى داخلها وفي الحافلات وفي الطرقات والشوارع، شابا وشابة في وضعية محرجة من سلوكات تهتك عرض أخلاق المجتمع قبل أن تهتك عرضهما. المتأمل مليا في شوارعنا وجامعتنا لا محالة أنه سيسجل في مدونته هذه السلوكات ولا شك أنه سيعود بذاكرته إلى الوراء و يعمد إلى المقارنة، حيث كان الاحترام سيد المواقف في كل الأمكنة. للأسف اليوم صرنا نرى تصرفات وأخلاق مخلة بالحياء، مثيرة للانزعاج، يقترفها أفراد يعتقدون أن التشبه بالغرب ووصول ركبهم الحضاري يساوي استيراد أخلاقهم وسلوكاتهم الخادشة للأخلاق، وعليه لا مانع لديهم في معانقة وتقبيل وضم الحبيب أمام الملء، والأدهى أن المانع اليوم أن يتدخل الفرد ويحاول النهي عن هذا المنكر وتصويب الخطأ. فالأكيد أنه يصنف ضمن قائمة المتخلفين ويلحق به الأذى على اعتبار أن تدخله نوع من أنواع التدخل في الحريات الشخصية، وهذا صار من الممنوعات والمحرمات والمحظورات. قذفتهما بالحجارة فوصلت لبهو المحكمة اتخذ بعض الشباب التقدم ممرا لهم للتعبير عن مشاعرهم والإعلان عن حبهم أمام أنظار العالم بالفعل قبل القول، فكسروا كل الحواجز والطابوهات الاجتماعية، وتبنوا تصرفات هتكت عرض مبادئنا وأخلاقنا. تصرفات مسيئة لمجتمعنا تترنح بافتخار وسط خلق الله وكل من تدفعه غيرته لردعها يقابل بالشتم والسب وقد يضرب ويصل إلى المحكمة، مثلما حدث مع السيدة عائشة التي روت لنا ما حدث لها تقول: ''وأنا أتجول بأحد أحياء العاصمة وبالضبط بباب الزوار أمام جامعة هواري بومدين، لمحت منظرا مثيرا للخجل والغيظ، شاب وشابة في وضعية محرجة أمام مرأى العالم، فاندهشت وثار غضبي وقلت في قرارة نفسي علي تصحيح الخطأ والنهي عن المنكر ودون شعور أخذت حجارة صغيرة وقذفتها ناحيتهما، ثم طلبت منهما الكف عن هذا الفعل الخسيس، فقابلني الشاب بالشتم والسب واحتدم الخصام حتى ضربني وتدخل المارة لفض نزاعنا الذي وصل بهو المحكمة ولحد الآن لم يتم الفصل في القضية''. سألناها ومن قاضى من؟ أجابتنا '' أنا من قاضى الشاب لأنه ضربني ضربا مبرحا''. و''هل أنت نادمة على تدخلك '' ترد السيدة عائشة ''أحيانا أشعر بالندم وأخرى أحس أنني لم أكن مخطئة بل كنت محقة فيما أقدمت على فعله''. وتردف السيدة '' ما أزعجني أن صديقته قالت لي بالحرف الواحد ''ما دخلك أنت أنا راضية لماذا تحشرين نفسك في ما لا يعنيك ؟ولماذا تريدين تطويق حرية التصرف ؟''أنا حرة وأفعل ما أريد''''. حتى في شهر رمضان وداخل الحافلة تجلس على حجر الشاب حتى في شهر رمضان وداخل الحافلة لم نسلم من هذه التصرفات البذيئة، بل وغابت الأخلاق غيابا كليا. تروي رابحة ''ذات يوم من أيام رمضان الفارط وداخل حافلة ركاب، كانت قد انطلقت من الشراقة نحو العاصمة، صعدت عجوز، فبادر أحد الشباب بمطالبة زميلته بإعطائها مكانها، ولم ترفض لكن ما إن همت بالوقوف بادر رفيق صديقته بالوقوف تاركا المكان للعجوز، فشكرتهما العجوز شكرا جزيلا. تتابع رابحة ''دقائق معدودات تعبت أقدام الشاب فتوسط الشابتين رفيقته وصديقتها فاندهش الجميع وصمت ، وفي لمح البصر - تردف رابحة - اشتد ذهول ركاب الحافلة. عندما وقفت رفيقة الشاب، حيث ظنها الجميع أنها ستنزل في المحطة المقبلة. إلا أنها خيبت ظنهم، وهمت بلا أي خجل من شيبة الشيوخ والعجائز الذين كانوا يملأون الحافلة ، همتبالجلوس على حجر رفيقها. استغرب الجميع وتمتموا واستغفروا بصوت خافت، وأداروا رؤوسهم، لكن لا أحد منهم استطاع أو تجرأ للتعبير بصوت عال عن رفضه لمثل هذه التصرفات القبيحة''. وتضيف رابحة '' الوحيدة التي سمعت صوتها تلك العجوز التي كانت تجلس بجانبي، لم تتمكن من كبت غيظها لتسمعني وحدي ما أغضبها وأثار تذمرها'' حيث طفقت تقول '' لقد صرنا نعيش في أمريكا وأوروبا ونحن لا ندري، لقد أصبحنا نعيش في مجتمع وعصر المتخلق فيه يستحي وسيئو الأخلاق لا يستحون''''. وأردفت العجوز'' هذه الفتاة لم تحترم الركاب ولا شيبة هؤلاء الشيوخ والعجائز، تعتقد بجلوسها في حجر هذا الشاب أنها ستتزوجه، وتظن بفعلها الخسيس أنها قد بلغت قمة التقدم''. وأضافت محدثة نفسها ''لا لوم على صمت الركاب والقابض فقد يتعرضون للضرر''. في الجامعة تسمع ما لا يسر الأذن وترى ما لا يعجب العين قبل العطلة الصيفية بعيدا عن الشوارع والحافلات ولجنا الجامعات فسمعنا ما لا يسرنا ورأينا ما لا يعجبنا من أفعال مخلة بالحياء تصدر من طلبة جامعيين يفترض أنهم الأولى بتهذيب المجتمع، هي سلوكات هتكت حرمة الجامعة وشوهت سمعة الطلبة الآخرين. استشففنا سخطا وتذمرا من طرف زملائهم، ومطالبة الإدارة بضرورة أن تتخذ إجراءاتها لوضع حد لمثل هذه التصرفات. تقول الطالبة كريمة من معهد التسيير بدالي ابراهيم '' شساعة مساحة جامعتنا وتوفرها على مساحات خضراء وقربها من الحي الجامعي. ساعد القلة من الطلبة والطالبات على ممارسة أفعال مخلة بالحياء أمام أنظارنا وأنظار أساتذتنا، فنحن نرى يوميا، العناق والقبل والضم، لكن لا يمكن لأحد منا أن يتدخل، لأننا ببساطة نكون قد اخترقنا الخطوط الحمراء وتدخلنا في حرية الأفراد''. وذكرت الطالبة ''ذات مرة صادف أحد الطلبة زوجا في وضعية محرجة وقد اغتاظ وهم بتوجيه لهما وابل من السب والشتم وكادت الأمور تتطور إلى الأسوأ لو لم يتدخل الطلبة، ومن تلك الحادثة عزف المعتادون على تلك الأفعال القبيحة عن سلوكاتهم لكن سرعان ماعادوا بعد أن نسي الطلبة الحادثة''. اتجهنا صوب جامعة باب الزوار فصادفنا مشاهد مخجلة يصنعها بعض الطلاب، رأيناهم مستلقين على الحشيش إناثا وذكورا وطلابا مضمومين بين يدي الطالبات. تقربنا من بعض زملائهم وطلبنا محادثتهم فرحبوا بنا، لكن اشترطوا عدم ذكر أسمائهم. فقالت إحداهن ''نحن للأسف نشاهد يوميا هذه المشاهد على الهواء الطلق في كل الأوقات والأماكن، أفعالا تخدش الحياء وتثير فورة الغضب والغيرة على حرمة الجامعة وأخلاق ديننا الاسلامي''. تضيف الطالبة ''في العام الماضي اخترقوا كل الحدود كنا في وضح النهار وعلى مرأى الجميع، إذا بنا نشاهد التقبيل والعناق والضم. تساءلنا عن عدم تدخل عون الأمن لإيقاف المهزلة، غير أننا أخبرنا أن دورهم متعلق بحماية الأمن لا أكثر ولا أقل''. أما زميلها فقال ''أنا لست ضد هذه السلوكات، لكن أرى أن تمارس في الخفاء وهذا مراعاة لمبادئنا''. القانون يعاقب منتهكي الآداب العامة حسب المحامي خالد خيناش فالقانون جرّم كل فعل يمس النظام العام للمجتمع، موضحا ''لو أن شخصين بالغين قاما بفعل مس أخلاق المجتمع وتوفر فيه عنصر العلانية، تقوم هنا الجريمة على أساس انتهاك الآداب العامة''. ويضيف المحامي أن معيار القانون في تجريم هذا الفعل المخل بالحياء، يحدده أفراد المجتمع، أي أن الأمر متروك لأفراد المجتمع ، مبرزا أنه إذا كان المجتمع يراه مسا بأخلاقه، فالقانون حين ذاك يتدخل للحماية والدفاع عن حق المجتمع والعكس صحيح، إذا لم يكن يراه خادشا للحياء، فإن القانون لا يتدخل. وأفاد الأستاذ خيناش '' مثلا إذا ما عدنا لحادثة جلوس الفتاة على حجر شاب داخل الحافلة فالقانون يعتبر هذا الفعل جريمة انتهاك الآداب العامة وهو يعاقب عليها والعقوبة - مثلما أردف - تحدد بتكييفها مع المواد القانونية''، ملفتا إلى أن للمواطن الحق بتقديم شكوى ضد هؤلاء إلى وكيل الجمهورية أو إلى الشرطة القضائية.