في الوقت الذي تعرف فيه جامعتنا الجزائرية اكتظاظا بشكل ملحوظ يزيد من سنة إلى أخرى في عدد الطالبة الذين يلتحقون بمقاعد الجامعة كل عام ، وهو المؤشر الذي يرفع المعنويات من جهة بالنسبة لأولئك الذين يعتبرونه دليلا على النجاح و القضاء على الأمية التي سيطرت على مجتمعنا لحقبة طويلة، ليعلقوا بذلك آمالا كبيرة على هذه الحشود من الطلبة التي تتجه كل صباح إلى الجامعات لترسم صورة حب طلب العلم والدراسة من أجل التحصل على أعلى الشهادات، إلا أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذه الصورة الجميلة التي تصنعها مخيلة العديد من المواطنين الذين يجهلون ما يقع من سلوكيات سلبية خلف أسوار جامعاتنا. انتهاك حرمة الجامعة لم يعد شيئا غريبا ولا سلوكا يستغرب له أحد لكثرة ما شاع، فبعض الطلبة بالغوا في تدنيس المكان الذي بطلق عليه حرم لقداسته فهو مكان لطلب العلم والعلم نور وتهذيب عن طريق استعمارهم لتلك المساحات الخضراء التي تعتبر الرئة التي تتنفس بها الجامعة ومكانا للتنفيس عن الطلبة في فترة ما بين المحاضرات بالجلوس رفقة الأصدقاء في مكان أخضر يذهب القليل من تعب الدراسة، إلا أن هذا المطلب أصبح صعب المنال للعديد من الطلبة الذين استبعدوا هذه الفكرة عن أذهانهم بشكل نهائي بعدما تحولت نفس هذه المساحات إلى وكر لممارسة الرذيلة وطقوس الحب المحرم علانية وعلى الملأ دون خجل أو محاولة للاستتار، وبذلك سدوا آخر منافذ الهواء والراحة للطلبة الذين يقصدون الجامعة لغرض الدراسة لا غير، ليصبح منظر تلك المساحات المتواجدة داخل الجامعة الجزائرية يشبه كثيرا تلك المساحات العمومية الموجودة خارج أسوراها والتي يلتقي فيها العشاق لنفس الغرض، وهي التصرفات التي تذمر منها العديد من الطلبة الذين التقت بهم جريدة ''الحوار'' في كل من كلية الحقوق وكلية الإعلام والاتصال والعلوم الإنسانية ببوزريعة، حيث اشتكوا من رؤيتهم لمثل تلك الممارسات بشكل يومي بمجرد المرور من أمام تلك المساحات للالتحاق بالمدرجات أو الأقسام لأجل الدراسة، بل أكدوا لنا أن مكتبة الجامعة هي الأخرى لم تسلم من مثل هذه الممارسات، وصارت تعرف هي الأخرى مشاهد خليعة تنتهك فيها الحرمة و الحياء. وحسب ما أكده الطلبة في العديد من الجامعات والكليات فإن مثل هذه التصرفات تبلغ ذروتها في الأسبوع الأخير قبل العطلة الفصلية وكذا في الأيام التي تقل فيها الحركة في المكتبة، في حين لا تستثني المساحات الخضراء من هذه الممارسة طول السنة، ليوصلوا كلامهم بالقول إن الجامعة التي كانت بالأمس القريب منبعا لاستقاء العلم والتعلم أضحت اليوم مكانا للعديد من الطلبة الذين يستغلون وجودهم بها غالبا لممارسة الرذيلة تحت شعار التحضر والتقدم والعصرنة، ليتمادوا في هتك حرمة الجامعة والعلم على حد السواء. وبذلك تتكرر هذه المظاهر بل تزداد تفاقما من سنة إلى أخرى، وسط سكوت الجهات المعنية داخل الجامعة عن مثل هذه التصرفات التي تنتهك حرمة المكان على الرغم من تفطنهم للأمر، خاصة وأن مثل هذه التصرفات المخزية أسفرت في العديد من المرات عن نشوب شجارات وعراك، بل في كثير من الأحيان تقع مشادات بين الأزواج غير الشرعيين أنفسهم عند وقوع سوء تفاهم بينهم، إلا أن كل ذلك لم يدفع بالمسؤولين إلى حد الآن لاتخاذ إجراءات من شأنها التقليل من هذه التصرفات المشينة والتي تضرب عرض الحائط بكل قيم التعليم والتربية الصحيحة.