ما تزال مشكلة توظيف التراث في المسرح العربي تطرح بحدة بين المسرحيين العرب، بعد أن أصبح هذا الأخير المادة الأساسية للمسرح بدلا من الواقع. وترى الناقدة المسرحية هيبة حسن أن توظيف المسرح للتراث ليس هروبا عن الواقع بقدر ما هو محافظة واستمرارية لهذا اللون الشعبي الأصيل. عن علاقة المسرح بالتراث وعن الحركة النقدية المسرحية تحدثنا المختصة في التراث المسرحي السودانية هيبة حسن في هذا الحوار.. إلى أي مدى يمكن الاستفادة من التراث لتطوير المسرح إلى الأفضل. ولماذا يهرب المسرح في اتجاه التراث ولا يواجه الواقع المعيش كما في الرواية مثلا؟ التراث هو جزء من خصوصية الشعوب وهو جزء أصيل من الثقافة. تطور المسرح يعني الخروج من بوتقة داخلية ضيقة إلى عالم رحب واسع. فالاهتمام بالتراث هو اهتمام بالمحلية وتجويدها لأنها الطريق إلى العالمية كما فعلت الرواية تماما حيث لم تنتشر إلا بمحليتها وهذا هو سبيل المسرح. المادة الأساسية للمسرح هي الإنسان وهو المكون الأساسي لهذا التراث، هو ليس هروبا بقدر ما هو محافظة واستمرارية في هذا اللون الشعبي. هل تصلح مدرسة العبث الآن كمدرسة آنية تعبر بجلاء عن واقع العالم العربي الراهن؟ إذا أخذنا كلمة العبث حرفيا نجدها مناسبة للواقع، ولكن إذا أخذنا المدرسة أو التيار في زمن معين نجد أنها استطاعت أن توصل رسالتها، ولكن اليوم مع تزاحم المدارس والدراسات الحديثة يبقى السؤال في المسرح وتبقى الإجابة في التجريب على أشكال جديدة تستوعب طاقات مسرحية وهموما ومهام دول بأكملها وقضايا ستظل تؤرق الإنسان. تعاني الحركة النقدية المسرحية من حالة قصور شديدة لأن الناقد المسرحي اليوم أصبح المؤلف والمخرج في الوقت نفسه. ما تعليقك؟ لا توجد حركة نقدية تنفصل عن الحركة المسرحية، فالحركة النقدية هي المعادلة الطردية للحركة المسرحية. أي كلما كان حراك مسرحي تصحبه دراسات نقدية. وطموح كل المسرحيين أن يكون المسرح العربي في صحة المسرحي الحقيقي يكون ذا مواهب متعددة أي لا يكون صاحب تخصص واحد بل كاتب سيناريو ومخرجا وممثلا وناقدا.. هذا هو المسرحي الحقيقي والكامل. كيف تنظرون إلى واقع المسرح الإفريقي بالمقارنة مع المسرح العربي والأوروبي؟ إذا قارنت بين المسرح العربي والإفريقي والأوروبي أجد المسرح الإفريقي أكثر تواضعا من المسرح العربي ومهموما بقضايا أخرى مثل الحروب والصراعات والعنصرية والاستعمار وأهم شيء قلة التدوين الشفهي. وما تقييمك للمشهد الثقافي السوداني في ظل ما يعيشه من أزمات؟ العلاقة بين الثقافة والسياسة علاقة مشروعة ولكن وضعية الثقافة في السودان لا تختلف عن نظيرتها في الواقع العربي والإفريقي، ودارفور جزء حبيب من السودان وهو مهموم بكل القضايا السودانية الآنية. ومن حسن الحظ أن فرقة من دارفور تشارك في المهرجان بمضمون ثقافي وتقنية سودانية.