أكدت النقابات الوطنية المستقلة والاتحاد العام للعمال الجزائريين أن أحداث 5 أكتوبر 88 كانت بمثابة نقطة تحول حاسمة في تاريخ العمل النقابي بالجزائر، قياسا على وتيرة التعددية النقابية التي تبنتها السلطات بعد ذلك، والتي أعطت الإشارة الخضراء لتشكيل تكتلات عمالية مستقلة تمسح بنقل الانشغالات المهنية والاجتماعية وتكون قوة اقتراح لدى الجهات المسؤولة، بيد أن ذات النقابات لا تزال ترى أن هذا الواقع العمالي لا يزال يستأهل دفعا قويا حتى تحقيق ما حققته الدول المتقدمة ونعيش الممارسة النقابية الحقيقة. وكشف العيد بودحة رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين أن المركزية النقابية هي أول من طالب الجهات الوصية بوجوب تكريس مبدأ التعديدة النقابية، تطبيقا للمواثيق والاتفاقات الدولية وانطلاقا من توصيات الجلسات الدولية التي كانت تحتم على الجزائر اعتماد نهج عمالي جديد يسمح بتأسيس منظمات مستقلة تدافع عن حقوق العمال، قائلا في هذا السياق '' إن النشاط النقابي في الجزائر قد قطع أشواطا تحسب عليه وغيرت نظرة العالم إليه''. غير أن العيد بودحة استطرد بالقول :''إن النشاط النقابي في الجزائري عمره لا يتعدى العشر سنوات لأن الجزائر في الفترة الممتدة بين 90 و99 عاشت تحت وطأة الإرهاب ما أعجز النقابات المستقلة عن ممارسة نشاطها، فيما فضلت المركزية النقابية الظهور بقوة في تلك المرحلة ما كبدها خسائر بشرية في مقدمتها عبد الحق بن حمودة''، متسائلا أين كانت النقابات المستقلة في تلك السنوات؟ وأبرز ممثل المركزية النقابية في اتصال هاتفي مع ''الحوار'' أن مسألة المشاكل والعراقيل التي تتحدث عنها النقابات المستقلة بأنها تحولت إلى عائق حقيقي أمامهم لا يعنيهم فقط وإنها يعني المركزية النقابية قائلا : ''يجب أن نكون واقعيين نحن أيضا نعيش نفس العراقيل التي تعيشها النقابات المستقلة ولكن الأمر متعلق بالخبرة النقابية ومقدرة ممثليها على التحمّل لإثبات الذات والبقاء في الساحة والتضحية لأجل تحقيق المطالب المهنية والاجتماعية''، ملفتا إلى أن المركزية النقابية لم تتخل عن الإضرابات والاحتجاجات ولكن هذه الوسيلة يلجأ إليها بعد تسجيل الانسداد مع الجهات المسؤولة وغلق كل أبواب الحوار أمامهم''. وردا على سؤال تعلق بأن النقابات المستقلة تؤكد أنها محرومة من مزية التفاوض، أكد محدثنا أن الحكومة تتعامل مع المركزية النقابية لأنها أكثر تمثيلا للعمال وليس استهانة بالنقابات المستقلة. من جهته لم يخف نوار العربي رئيس المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني التغيرات التي حصلت على الصعيد النقابي منذ أحداث 5 أكتوبر ,88 ويعتقد أن الجزائر قد سجلت أهدافا من ذهب في مجال الحرية النقابية بعدما كانت في قبضة المركزية النقابية. غير أن ممثل العمال أكد وجوب تواصل المشوار حتى يكرس العمل النقابي بالشكل الذي يطمح إليه العمال، مذكرا بالعراقيل التي يواجهونها سيما في أمر الإضرابات وعدم إشراكهم في المفاوضات المصيرية التي من شأنها أن تسمح بتغيير الوضعية القانونية ومن تم وضع النشاط النقابي في الجزائر على الطريق الصحيح.