يعد تقديم الأهالي أي ''الأنديجان'' في التشريع والخطاب الاستعماري شكلا من أشكال العنف المتواصل الذي تجاوزت نتائجه الوخيمة مثيلاتها الناجمة عن نزع الملكية والمجازر، كما أكدت ذلك المداخلات الأولى المقدمة في أشغال الملتقى الدولي حول ''الثورة الجزائرية'' نظمته اليوم الأحد جامعة سكيكدة. وتم خلال هذا اللقاء الذي اتخذ هذا العام من موضوع ''التطور التاريخي لصورة الجزائري في الخطاب الاستعماري'' شعارا له. التطرق لعدة جوانب مهمة مثل النصوص التشريعية والمقررات المدرسية والنصوص الأدبية وعروض الفنون التشكيلية والسينما والخطاب اليومي ومحاور أخرى. وفصل الأستاذ روني غاليسو من فرنسا في مداخلته الأولى بعنوان ''النتائج المفارقية لفئة الأنديجان'' قانون الأهالي، موضحا بأن هذا التشريع الذي وصفه ب''مجموعة من القواعد البوليسية التي تسمح بالحبس الإداري خارج كل عدالة'' استمر العمل به في عدة أشكال رغم إلغائه الرسمي من طرف حكومة ديغول بالجزائر العاصمة سنة .1944 ولم يكن هذا القانون، كما أوضح نفس المؤرخ، خاصا بحالة الجزائر فقط بل هو موجه لجميع المستعمرات إذ فرض عليها وضعا تمييزيا اتجه بالأساس لمنع ''الفرنسي المسلم'' أو ''الأنديجان'' من الحصول على وضع المواطن وكذا الاستمرار في ممارسة تمييزية تجاهه في مجال العمل وبالأخص في الوظيف العمومي. وأورد المحاضر بالمناسبة أن الثورة الجزائرية قد قضت على العنصرية الاستعمارية التي مورست لفترة طويلة من الزمن وفق هذه النظرة الاحتقارية تجاه الفرد الجزائري. ولدى تناوله جانب ''صورة الأنديجان في المقررات المدرسية خلال الفترة الاستعمارية''، أبرز من جهته الدكتور علي قوادرية رئيس جامعة سكيكدة ومدير مخبر البحث حول ''العنف والمواطنة'' امتلاء هذه المقررات بصور نمطية مهينة وضعت أساسا من أجل جعل الجزائري يشعر بنقص الاحترام تجاه نفسه. أما الدكتور عبد المجيد مرداسي من جامعة ''منتوري'' بقسنطينة فتطرق ل ''فاطمة يا أولاد'' كلفظين متداولين إبان الفترة الاستعمارية''، معتبرا في تدخله بأن هذه التعابير اللفظية كانت تترجم تفكك الهياكل الحية للمجتمع والأسرة الموسعة من خلال تنزيل وضع المرأة التي طالما شكلت اللبنة الأساسية للمجتمع والتي عوملت بوصفها تلك التي تقبل القيام بكل شيء فيما عومل ذلك الفتى الذي يمثل مستقبل البلاد كمجرد ماسح أحذية. ودعا المحاضر بهذا الخصوص إلى مزيد من الأعمال الأكاديمية من أجل ''إخراج الخطاب حول ممارسات الاستعمار من المزايدات الوطنية للمنابر لجعله عمل مؤرخين يتجاوز إلى ما هو أبعد من التنديد الصوري إلى كشف الاستعمار بالتحليل الذي يوضح جليا ماذا مثله الاستعمار عبر أفعاله الملموسة''.