أكد أول أمس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن المجلس الدستوري قد حقق خطوات هامة في سبيل ترسيخ دولة الحق والقانون، مبينا أن هذه المؤسسة تتمتع بالاستقلالية التامة بفضل امتناع الدولة عن أي تدخل أو توجيه لمهامها. وقال بوتفليقة في خطاب بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لإنشاء المجلس الدستوري ''إن المجلس الدستوري الجزائري على الرغم من حداثة عهده نسبيا مقارنة مع غيره من المحاكم والمجالس الدستورية العريقة في العالم فإنه ما فتئ يتطور من حيث تنوع اختصاصاته وتعدد سلطات إخطاره، وتوسيع تشكيلته ونوعية اجتهاداته الفقهية مما جعل دوره يتعاظم في منظومة الحكم والحياة السياسية ويبقى مؤهلا لتطورات إيجابية أخرى مستقبلا''. وأضاف رئيس الجمهورية ''نسجل بموضوعية ما حققه المجلس الدستوري من خطوات هامة في سبيل ترسيخ دولة الحق والقانون وسعيه الدؤوب في تكريس الديمقراطية التعددية وسهره الحثيث على حماية الحقوق والحريات بكل حياد واستقلالية مما يعزز باستمرار من مكانته في البناء المؤسسات للدولة''، مبينا أن الدولة قد حرصت على أن يكون مقر المجلس صرحا شامخا للديمقراطية مجسدا لهيبة القانون، وأشار بوتفليقة إلى أن الدولة قد احترمت الدور الحساس الذي يؤديه المجلس الدستوري في السهر على احترام دستور الجمهورية وترقية الحياة السياسية للبلاد والحرص على حفظ استقلاليته التي يضمنها له الدستور، مردفا بالقول إنه تأكيدا لصيانة مصداقية هذا المجلس '' فقد امتنعت الدولة عن أي تدخل أو توجيه لمهام المجلس ملتزمة دائما باحترام آرائه وقراراته وتنفيذها بلا تردد''. وأوضح رئيس الجمهورية أن آراء وقرارات المجلس الدستوري قد شكلت حافزا للسلطة التشريعية لكي تحرص على أن تأتي نصوص القوانين موافقة للدستور محترمة له، كما أنها كانت دافعا للسلطة التنفيذية لأن تدقق في مشاريع القوانين عند صياغتها حتى لا تنزلق إلى شبهة مخالفته وتجاوز أحكامه، على حد ما قال القاضي الأول للبلاد الذي ذكر بأن المجلس الدستوري قد حرص خلال الفصل في المنازعات الانتخابية على تحقيق التوازن بين ضرورة احترام الدستور ومتطلبات ترسيخ الأسس الديمقراطية للبلاد. وفي السياق ذاته، واصل بوتفليقة حديثه بالقول ''إن المتتبع للفقه الذي أصدره المجلس الموقر خلال العقدين السابقين يلاحظ أن هذه الهيئة قد أدت المهمة الموكلة إليها من حيث أنها الحارس الساهر على احترام الدستور والمانع لكل تعسف فقد ألزم المجلس الدستوري كلا من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بضرورة عدم تجاوز اختصاص كل منهما والبقاء في الإطار الذي حدده لها الدستور تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات''. ويرى رئيس الجمهورية أن المرحلة الجديدة التي تعيشها الجزائر تقتضي إعطاء العناية القصوى لموضوع الرقابة الدستورية، التي بين أنها ''ثقافة شأنها شأن الديمقراطية تحتاج إلى زمن طويل من الخبرة والممارسة لتغدو جزءا طبيعيا لا يتجزأ من ثقافتنا اليومية وواقعنا السياسي''، مطالبا في الإطار ذاته المجلس الدستوري بنشر الثقافة القانونية والتفتح أكثر على المحيط الوطني، من خلال التواصل مع الجامعات ومراكز البحث وفتح الأبواب أمام الباحثين ورجال القانون والطلبة، قصد تمكين هؤلاء ''من الاستفادة من الرصيد الفقهي الذي يزخر به المجلس الدستوري تعميما للثقافة الدستورية ونشرا لقيم المواطنة''.