ترى الأخصائية النفسانية الدكتورة غنية عبيب ان نفسية الأم العازبة تكون سيئة من بداية الحمل، وتزداد سوءا كلما حان وقت وضع الحمل الذي يحدث بدون زواج، والذي يصفه المجتمع العربي الإسلامي بالعار والفضيح. فلا يمكن إثارة الحديث حول هذه الظاهرة التي يطلق عليها، حسب المفاهيم المعتمدة، اسم ''الأمهات العازبات''، دون مشاكل أو ردود، بل يصل الأمر أحيانا إلى العنف أو التهديد بالتصفية الجسدية. فظاهرة الأمهات العازبات جد معقدة ومتشابكة العوامل لأنها ترتبط بعدة مجالات قانونية، دينية وجنسية، كما تحدث في مجتمع محافظ يؤثر في الواقع الاجتماعي ولا يعترف بالأم العازبة التي تظل على الهامش.كما تتعرض الأم العازبة إلى كل أنواع العقاب الاجتماعي الذي يبدأ بإطلاق مجموعة من النعوت، كالعار والفضيحة، والحرام وغيرها من الألفاظ في حق الأم العازبة. وقد ينتهي الأمر برميها خلف القضبان او تصفيتها جسديا وطردها من البيت الأسري فتجد نفسها في الشارع ببطن منفوخ لا احد يلتفت إليها سواء من أهلها او من أصدقائها او حتى من الشخص المسؤول عن حملها، فعائلته لا ترضى بجلب فتاة من هذا النوع وإدخالها الى البيت. كل هذا يزيد من تأزيم نفسية الأم العازبة التي قد تفكر في الانتحار لتخليص نفسها من شبح الحمل وتبعاته، خاصة أن الشارع لن يكون أكثر رحمة من أهلها. وتضيف الدكتورة عبيب أنه عندما نتحدث عن الأم العازبة، نستحضر بالضرورة طفلها الذي يظل ضحية فخ وقعت فيه أمه سواء عن طريق الخداع أو التغرير وكانت النتيجة هي أنها أنجبته بنصف هوية، وعندما نتكلم عن هوية الطفل لا بد من الإشارة إلى كون هذا المولود سيظل محروما طوال حياته والمجتمع لا يعترف به وينعته بالطفل اللقيط أو ابن الزنا أو ''ولد الحرام''، كل هذه النعوت تعري واقع أطفال ليس ذنبهم سوى أنهم ولدوا بأنصاف هوية في وسط اجتماعي لا يعترف بهم. وتواجه أغلب الأمهات العازبات اهتزازات نفسية عنيفة نتيجة الخطأ الكبير الذي أوقعن أنفسهن فيه وسط ازدراء المجتمع لمثل هذه السلوكات البعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا الحنيف.