أكد الروائي سمير قاسيمي الذي أقصي مؤخرا من الدور ما قبل النهائي من مسابقة البوكر العربية ، نزاهة لجنة التحكيم مشيدا برواية المصري ''المنسي قنديل'' الذي أدرج اسمه ضمن القائمة القصيرة. و يوضح الروائي الشاب قاسيمي ضمن هذا الحوار الذي جمعنا به عقب الإعلان عن نتائج تصفيات المرحلة الثانية من المنافسة من بيروت على أن مصداقيته ككاتب لا يربطها بهذه الجائزة وإنما باهتمام النقاد و القراء. كما تطالعون في هذا الحوار تقييم قاسيمي للوضع الثقافي في بلادنا و أمور أخرى . تم إقصاء روايتك الموسومة ''يوم رائع للموت '' من القائمة القصيرة لجائزة البوكر التي أعلن عن نتائجها ما قبل النهائية مؤخرا من بيروت، فيما أبقت لجنة التحكيم على عملين مصريين ضمن القائمة القصيرة. كيف تنظر إلى هذا الحكم وأنت الذي أكدت نزاهتها في كثير من المناسبات؟ وإن كنت غير مقتنع بالمصرية منصورة عز الدين خاصة في روايتها الأخيرة، غير ان ''المنسي قنديل'' رواية متميزة بشهادة الجميع، لكن هذا لا يعني أني أشكك في نزاهة البوكر ومصداقيتها، خاصة وأن القائمة القصيرة ضمت أعمالا قيمة لكتاب مرموقين منهم عبده الخال السعودي وربيع جابر اللبناني، ولعل أغرب ما في هذه القائمة كما قلت رواية عز الدين التي هي ممن يمكن تصنيف عملها في الخانة الثالثة أو الثانية مع الكثير من التفاؤل، ولا يفوق عملها روايتي ''يوم رائع للموت'' في أي شيء سوى من حيث الحجم . ولعل الصدى الذي عرفته لجنة تحكيم بوكر هذا العام من شأنه أن يعيد لحمة هذه الجائزة المهمة. قلت في أحد لقاءاتك الصحفية ''لماذا لا يقبل بكبير يولد فينا حتى تصادق عليه القاهرةوبيروت وفرنسا'' .هل تعتبر أنك أصبحت كبيرا بعد ترشحك في البوكر؟ لا بالعكس فمصداقيتي ككاتب لا اربطها بالبوكر وانما باهتمام النقاد والقراء لدي روايتان ''تصريح بالضياع'' و''يوم رائع للموت''، وقد وجدت اهتماما بالغا بهما من قبل القراء من خلال مراسلتهم لي والتي يطالبون مني فيها بالمزيد، ولا أعتقد أن مصداقية أي كاتب يكتسبها من أي جائزة، وإلا لما اعترفنا مثلا بقامة كمحمد ديب وهو الذي لم يحصل لا على الغنكور ولا على نوبل، رغم أن لا اختلاف بين اثنين في أحقيته بهما، ولكن للجوائز الأدبية شؤون غير الشؤون... وليس هذا انتقاصا من قيمة الجائزة ودورها في بعث مسيرة أي كاتب، أو على الأقل في مساهمتها في إذكاء عزيمته. أما عن زعم أنني فكرت أو أفكر أنني أصبحت كبيرا، فهذا خَرَف ما كنت لأصدّقه حتى في سري، ما دمت لا أعترف أصلا بوصف ''كبير''، وإلا ما كتبت وما اجتهدت في عملي، ولعل الكبير عندي ليس أكثر مما قد يكون عليه أحدنا في لحظة واحدة خارجة عن نطاقات غيره، فمن أعتبره كبيرا قد لا تعتبرينه أنت كذلك. اعتبر الكثيرون أن ترشيحك لجائزة البوكر واختيارك ضمن القائمة الطويلة يرجع فقط لكون روايتك تناقش موضوع الجنس، الذي يعتبره الكثيرون مجرد حرق للمراحل بالنسبة لروائي مبتدئ .ما تعليقك؟ هؤلاء قد يكونون ممن لم يقرؤوا لي، أو أنهم ممن قرؤوا لي بعين واحدة، أو ربما قد وهم كما قلت ''كثيرون''، ولا أدري سبب تحاملهم عليَّ وهم على علم بأني على غير اعتقادهم وعلى غير ما يروّجونه حقا بلسان الكذب، ما دامت كتبي بين الناس لهم أن يحكموا. أما وقد بدأنا نقاش النقد فأتحدى أيا منهم أن يواجهني بشيء مما يدّعي، شريطة أن يرى جوابي وحججي.. هم أعلم أن لا مصلحة تجمعني بغيري فأخاف أن يشتعل التبن الذي في بطني، فليس لديّ غير ما أكتب فلينظروا إن وجدوا فيه غير ما أقول. هل صحيح أنه كان قد تم استدعاؤك للتحقيق بهذا الخصوص.اقصد كتابتك عن الشواذ؟ قرأت هذا أيضا في أحد المواقع على شكل تعليق، فاستغربت الأمر لأنه غير صحيح. قدمت روايتين في سنة واحدة. ألا تعتبر أن الأمر فيه نوع من التسرع أم أنها غزارة إنتاج وحسب؟ لم أحسب للأمر زمنيا، ولا أعتقد أن في ذلك أي تسرع، ما دامت روايتيَّ لقيتا ما لقيتاه من استحسان وإشادة. ثم إن الإبداع لا يقاس بالوقت في غالبه، إنما المعيار الوحيد للمبدع هو جودة ما يطرحه للناس. ما سر نجاحك؟ ليس ثمة سر، فالموهبة إما أن تكون أو لا تكون، الموهبة ليست دروسا نتلقنها أو طقوسا نقوم بها بقدر ماهي ''هبة'' تولد فينا وتصق بنا . أما الأسلوب فهو غالبا ما يكون جيدا إذا كانت الموهبة حقيقية وقد أضيف إليه توابل الإخلاص في العمل والإيمان بجدواه ولا ننسى أهم تابل وهو اليقين الذي على الكاتب أن يكون فيه، وهو شكه الدائم في قدرته، فأكثر ما يقبر الموهبة تصديقه لنفسه ولغيره أنه ''الأفضل''، لأن ''الأفضل'' ك''القمة'' تماما. قلت أن الوسط الأدبي في الجزائر ليس بخير .ما الذي تقصده؟ بالطبع وسطنا الأدبي مريض والدليل ما يحدث في اتحاد الكتاب من تشتت ليس من ورائه إلا المزيد من المرض.. والدليل تحول دور النشر عندنا في معظمها إلى شركات يراهن فيها الكاتب ليثرى صاحب الدار.. والدليل حقوق المؤلف الكاتب المهضومة باسم ''عالمية النسبة'' رغم السحب ''المضحك'' الذي يتبناه ناشرون يفكرون بمنطق القصاب، والدليل كذلك المسابقات الأدبية الوطنية التي أصبحت تمنح ب''المحاباة'' وتقاسم قيمة الجائزة، وو... وكيف السبيل لتنظيف هذا الوسط برأيك؟ لا سبيل لتنظيف وسطنا الأدبي إلا بطريقة واحدة، قد تبدو مؤلمة ولكنها أثبتت جدواها، أقصد إلغاء جميع المؤسسات غير الفعالة المنضوية تحت اسم الثقافة ، ففي هكذا وضع سينظف الوسط الأدبي نفسه بنفسه، ما دام ''الريع'' الثقافي الذي اعتاد عليه ''تجار الثقافة'' من أي مؤسسة ثقافية سيختفي ولن يبقى في الأدب إلا الأديب. إنني من الداعين لخصخصة قطاع الثقافة عن بكرة أبيه. ''صاحب الكبار تصير كبيرا'' هي قاعدة أصبحت الأكثر انتهاجا في الوسط الثقافي الجزائري ما رأيك؟ - لا تعليق.