تتزين ساحة البريد المركزي في هذه الفترة من السنة بديكور طبيعي مميز طبعته خضرة الطبيعة التي حملت بنفسها، وحطت رحالها وسط البنيان العمراني في ساحة البريد المركزي، ليتزود بذلك سكان العاصمة بجرعة كبيرة من الأوكسجين ويتنفس قلب العاصمة هواء نقيا، بعدما تلوث طويلا بدخان السيارات. استحسن العديد من المواطنين المبادرة التي قامت بها بلدية الجزائر الوسطى من خلال المعرض المفتوح على الهواء الطلق الذي أمتع العديد من المواطنين بتلك المناظر الطبيعية، التي حطت رحالها وسط ذلك البنيان العمراني الضخم، لتحدث تزاوجا بين الهندسة المعمارية والهندسة الطبيعية التي تزينت بها ساحة البريد المركزي بمختلف أنواع النباتات، التي لقي فيها العديد من المواطنين ضالتهم من الكاكتوس والقاطفة والياسمين والجيرانيوم والقرنفل، وغيرها من النباتات المعروضة بهذه الساحة هذه الأيام، فأقبلوا عليها لتزيين شرفاتهم وأضافوها إلى ديكور منازلهم بعد أن استفادوا من النصائح التي يقدمها أصحاب المشاتل لمن لديه ميول في الاعتناء بهذه الكائنات الحية التي لها الفضل في التزود بالأكسجين. في خرجة استطلاعية للحوا ر قادتنا إلى ساحة البريد المركزي، سمحت لنا بالتحدث إلى أصحاب المشاتل الذين لا زالوا محافظين على هذه المهنة التي تتوارث في غالب الأحيان من الآباء والأجداد. السيد'' أنيس '' صاحب مشتلة بباب الزوار من الشباب الذين فضلوا المحافظة على المهنة، التي تراجع عليها كثيرون ممن يسعون وراء البحث عن الربح السريع والدخل الوفير والذين ضاقوا ذرعا من الاعتناء بهذه الكائنات الحية، الذي تتطلب سعة بال، وعلى عكس هذه الفئة يجد أنيس راحة كبيرة في اعتنائه بالنباتات التي تتكلم معه بلغة لا يفهمها إلا من ولج هذا العالم الأخضر على حد تعبيره، وأتقن حرفة الغرس والاعتناء بالنباتات التي لا يمكن أن تكون في متناول الجميع، أو كل من يمتهن هذه الصنعة ويعول عليها في دخله الشهري. وأضاف أنيس أن من بين المميزات التي يجب أن تتوفر في من يعتني بهده الكائنات الحية الصبر وطول البال، وحسن التعامل معها وخاصة الحنية والذوق، ولهذا هناك العديد من الناس يخفقون في الاعتناء بالنباتات. وبالتالي يؤدي ذلك إلى موت النبتة، والسبب يعود إلى نقص المعلومات التي لديهم في التعامل مع هذه المخلوقات، ونقص ثقافة المحافظة على النباتات والبيئة ككل على الرغم أن هناك العديد من النساء من يقصدن المعرض من أجل اقتناء النباتات بغية تزيين منازلهن بحكم أن هناك بعض النباتات تنمو في الظل أو تزين بها شرفات منزلهم. وأضاف أنيس من خلال حديثه أن مثل هذه المعارض تشجع أصحاب المشاتل وتعطي الدفع اللازم، وكذا الحافز المناسب للبقاء في مثل هذه المهنة، ولأن هناك من الناس من ليست لديهم المعلومات الكافية حول النباتات، ويريدون اقتناء نباتات منزلية نقوم بتقديم النصائح الضرورية لهم لضمان حياة النبتة، بالإضافة إلى أن هذه المعارض تقربنا من المواطن، وبذلك نقدم المعلومات للمواطنين والشروط اللازمة التي تنمو فيها النباتات، كما نشجعهم على الدخول في عالم الطبيعة والنباتات. وفي سياق متصل تكلم السيد أنيس عن إقبال الزبائن على مثل هذه المعارض من أجل اقتناء النباتات، يبقى الإقبال محتشما، وهذا يعود دائما إلى خوف الناس من سوء الاعتناء بالنبتة الذي يؤدى إلى في الغالب إلى موتها بمجرد حملها إلى المنزل، إلا أن أكثر النباتات التي تعرف الإقبال عليها الياسمين، مسك الليل، بيقونيا، الحبق الموسمي والمعروف في العاصمة ''بدْقِيقْ'' الذي يبعد الناموس كما يشاع لدى العاصميين، زيادة على ذلك هناك الإقبال على الفل و''لورتوسا'' و''العذراء''، وهي من النباتات التي تلقى رواجا كبيرا بحيث تبقى أزهارها متفتحة لمدة 4 مدة أشهر.كما تقبل النساء الجزائريات على شراء مختلف أصناف النباتات الشوكية كالصبار. ويعود الإقبال المتزايد عليها في أغلب الأحيان إلى الاعتقاد السائد عندنا إلى أن النباتات الشوكية تبعد العين. ومن جهتهم أصحاب المشاتل يقدمون المعلومات الكافية عن كل ما يتعلق بنبتة، خاصة حول طريقة السقي، لأن هناك نباتات لا تحتاج إلى السقي كثيرا، وهناك نباتات أخرى تحتاج إلى قدر كبير من الماء لأنها إذ لم تسق فإنها تموت، أو تلك التي لا تحتاج إلى كمية معتبرة من الماء أو تسقى كثيرا فتموت أيضا بعد أن تتحول تربتها إلى عجينة غروية، وبالتالي تغلق مسامات الهواء ولا تسمح له بالمرور .كما أن هناك من الزبائن الدين يفتقدون إلى المعلومات الأساسية لغرس النباتات والاعتناء بها وبالتالي يسود عندهم الاعتقاد أنهم حتى وإن أدركوا تقنيات الغرس، إلا أنه لايمكنهم أن ينجحوا في عملية الغرس بحجة أنهم لا يملكون مؤهلات الغرس الجيد وبذلك يتخلون عن شراء النباتات. وأضاف أنيس أن هذه المهنة لا يمكن أن تقاس بمدخولها المادي لأن مدخولها الحقيقي هو إحياء النباتات، وإعادة بعث للمحيط لونه الأخضر الذي غاب، إلى أن تبقى هذه السنة مميزة عن السنوات الأخيرة لأنها تعرف إقبالا معتبرا من قبل الناس، ولهذا أتوجه إلى الناس والأولياء خاصة للشراء لأبنائهم ولو نباتات صغيرة كتلك التي تباع داخل الأصص لغرس لديهم ثقافة حب المحيط والاعتناء بالنباتات وكذا كيفية الاعتناء بها وبذلك يتعلمون بدورهم ثقافة الحفاظ على المحيط .