يكشف الدكتور العربي دحو خلال اللقاء الذي جمعه ب ''الحوار''، على هامش فضاء صدى الأقلام، عن قضايا عديدة تشوب عالم القصيدة الشعبية في الجزائر وكذا مستقبل الجنس الأدبي. طرحت في مقدمة إصدارك الأخير تساؤلا مهما وهو ''إلى متى يظل شعارنا الغياب والرفض''، ونحن بدورنا نسألك إلى متى نبقى نتجرع مرارة هذا الشعار؟ في الحقيقة هذا السؤال يجيب عنه الرافضون وهذه بمثابة شكوى من طرفي ، وسيظل هذا الوضع قائما ما لم تتغير الذهنيات في المجتمع والأمر سيظل قائما كما هو. السلطات المعنية وفرت الظروف اللازمة التي تتعلق بمسائل عدة، لكن العيب والخلل يكمن في الأشخاص فهم في بعض الأحيان غير مستعدين للتجاوب مع ما وفرته الدولة الجزائرية لتحقيق ما نصبو إليه. رغم أهمية القصيدة الشعبية وما تناولته من قضايا مهمة تعود جذورها الى ما قبل القرن 16 إلا أننا نفتقر إلى مراجع في هذا اللون الأدبي باستثناء معجم ''شعراء الشعر الشعبي'' الذي أصدرته مؤخرا، ألا تعتقد أنه وبتجاهلنا للشعر الشعبي يعد جريمة في حق هذا الجنس الأدبي ؟ شيء غريب أن يحدث هذا في المجتمع الجزائري الأصيل والعريق جدا فنحن عندنا آثار تعود إلى 16 ألف سنة ومع هذا أهملناها. في حين أن المصريين عندهم اثار تعود إلى أربعة ألاف سنة فقط ونجدهم دائما يمدحون أنفسهم في كل الأوقات. أما بالنسبة للمعجم الذي أصدرته مؤخرا ورغم انه جاء متأخرا جدا بالمقارنة مع نشأة هذا اللون الأدبي ، إلا انه يبقى جهدا فرديا ولو لم يكن جهدا فرديا مني لما صدر ولما رأى النور، وللأسف الشديد طلبتنا اليوم همهم الوحيد الحصول على ''الديبلوم'' وكفى.. لا يوجد لديهم توافق مع ما توليه الدولة من توجيه في مجال البحث العلمي، فتجاوبهم يقتصر على النقل الجامعي، المنحة وطبعا المطعم. برأيك هل استطاع القصيد الشعبي منافسة الفصيح ؟ إن هناك من الباحثين من يفصل بين الشعر الشعبي والشعر الفصيح، ولكن بعيدا عن هذه المقولة فالجنسان لم يتنافسا يوما وهم يسيران في خط واحد جنبا إلى جنب في مودة كاملة. كيف ترى مستقبل الشعر الشعبي في الوطن العربي بصفة عامة والجزائر على وجه الخصوص؟ إن بقيت سياسات الثقافة العربية الحالية وبخاصة تلك السياسات التي فتحت قنوات تلفزيونية خاصة للقصيدة الشعبية، فإنها ستسود أكثر من اي جنس أدبي آخر سواء أكان الشعر فصيحا ام شعبيا. وفي الجزائر القصيدة الشعبية في عمومها بقيت على فضائها المعروف عنها في مختلف الفترات بالنسبة للحضور، اما بالنسبة لمستواها فقد بدا الوهن يتسرب إليها بسبب غايات تكسبية. ألا توافقني الرأي بأن الكتب الخاصة بالشعر الشعبي والفصيح على حد سواء تمجد وتتناول الأسماء المعروفة على حساب أسماء شعرية أخرى لها وزنها في الساحة الأدبية الشعرية لم تنل حظها من التعريف؟ مسالة التفضيل والانتقاء والممارسة بين الشعراء سببها في واقع الأمر يعود إلى ما يعرف بثقافة المركز أي أن الكتب التي تتحدثين عنها والتي تتناول نفس الأسماء، بالإضافة إلى الدارسين الذين تشيرين إلى أمثالهم من المركزين دائما على نفس الأسماء دون أخرى، فإنما يقتدون في فعلهم ذلك بما كرسته الثقافة الرسمية فلا يلتفتون بذلك إلى شعراء الأطراف والظل هروبا إلى السهل واليسير لإنجاز أي شيء وكفى. وجهت انتقادات كثيرة لمعجمك لاستثنائه شعراء الامازيغية بالرغم من أنه مخصص للعربية. ما تعليقك؟ المعجم في دلالته يعني ما هو شعبي والشعبية بالمفهوم الاصطلاحي الذي استعملته أكاديميا كل نص كتب باللغة التي يفهمها جميع الجزائريين، ومن هنا فلا موقع لشعراء بغير العربية في المعجم. وبدقة الذين تساءلوا عن غياب شعراء الامازيغية في المعجم التمس منهم صادقا ان يحصلوا لي على مئة شاعر من كامل أرجاء الوطن بهذه اللغة ويرسلوهم لي وأعدهم بإصدار معجم خاص بهم وحتى ولو كان على نفقتي الخاصة. بعد هذا المعجم هل لك أعمال أخرى في الأفق؟ سيصدر لي قريبا الجزء الثاني من المعجم وبنفس طريقة الجزء الأول، وسيضم مئة شاعر شعبي آخر من مختلف ربوع الوطن.