بعد أن أفرجت القاعدة عن الرهينة الإسبانية آليثيا غاميث قبل أيام قليلة سادت أجواء من الترقب والانتظار في صفوف دول الساحل إلى جانب الدول الغربية خاصة اسبانيا وايطاليا، وسط أجواء من التفاؤل شاعت بين عائلات المختطفين خصوصا مع إمكانية الإفراج عن بقية الرهائن الغربيين لدى القاعدة. يرى المحلل السياسي الموريتاني رياض ولد أحمد الهادي في تصريح إعلامي أن دخول بوركينا فاسو على خط الوساطة قد زاد ملف الرهائن تعقيدا، لأن مالي لم يعد لديها ما تقدمه بعد أن أفرجت قبل نحو أسبوعين عن أسرى القاعدة عندها مقابل إفراج الأخيرة عن أسير فرنسي لديها. أما موريتانيا فلا تزال تصر على رفض الإفراج عن أي من سجناء التنظيم الإرهابي، كما أنها استدعت سفيرها في مالي ووجهت لبلاده انتقادات شديدة بعد مبادلتها للمعتقلين مع التنظيم. وكان رئيس الوزراء الموريتاني مولاي محمد الأغظف أكد الأسبوع الماضي أن لا حوار ولا مبادلة مع تنظيم القاعدة مقابل الإفراج عن الرعايا الغربيين. ويرى ولد أحمد الهادي في تصريحات صحفية أن القاعدة بخطوتيها الأخيرتين استطاعت كسب مالي وبوركينا فاسو نسبيا إلى جانبها، في حين بقيت الجزائر وموريتانيا بمثابة المحور الأكثر تشددا نحوها. واعتبر المتابع لشؤون الجماعات الإرهابية ديدي ولد لحبيب أن طريقة الإفراج عن الرهينة الإسبانية تثير كثيرا من الأسئلة، موضحا أن أهم الأسئلة تطرح بشأن المقابل الذي استلمته القاعدة، فإسبانيا أكدت بشكل رسمي أنها لم تدفع فلسا للتنظيم المسلح، كما أن أيا من معتقلي التنظيم سواء في موريتانيا أو الجزائر لم يفرج عنه، في حين لا يوجد معتقلون للتنظيم في جمهورية بوركينا فاسو. ورجح ولد لحبيب في حديث للجزيرة نت أن الإفراج جاء نظير فدية مالية ولكنها دفعت من قبل الوسيط وهو الموريتاني المصطفى ولد الإمام الشافعي الذي يعمل مستشارا لرئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، ويحظي بنفوذ وعلاقات واسعة في القارة الأفريقية. ويشير ولد لحبيب في هذا السياق إلى أن لدبلوماسية بوركينا فاسو سوابق في التوسط بين الغرب والقاعدة، حيث سبق أن نجحت وساطة قادها ولد الإمام الشافعي نفسه في إطلاق رهينة كندي لدى التنظيم الصيف الماضي، ولفت إلى أن شروط التنظيم أفشلت وساطة أخرى قام بها الشافعي لإطلاق رهينة بريطاني أعدمته القاعدة فيما بعد، حسب قوله. وكان تنظيم القاعدة قد دعا دول الساحل إلى النأي بأنفسها عن الحرب الدائرة بين القاعدة والدول الغربية أو من وصفهم بالأعداء الصليبيين. وهي دعوة إلى نوع من الهدنة، بحسب ولد أحمد الهادي، لكنها ستصطدم بجملة من العراقيل خصوصا على محور ''التشدد'' ضد القاعدة والذي ضم كلا من الجزائر وموريتانيا. بيد أن كلا من المحللين السابقين ولد لحبيب وولد أحمد الهادي يتفقان على أن الأنظار الغربية ستتجه في الأيام القادمة صوب موريتانيا باعتبارها تمسك حاليا بأهم أسرى التنظيم، ويبقى المحك هو مدى قدرة النظام الموريتاني على امتصاص الضغوط الغربية والاحتفاظ بأسراه. ويرى المحللان كذلك أن القاعدة ستكتفي في نهاية المطاف بأخذ الفدية، ولن تعدم الرهائن، لكن تنظيم قاعدة المغرب سيسعى للمناورة أكثر والضغط بشتى الوسائل للإفراج عن بعض أسراه.