البداية التي جاء بها عام 2010 جعلت العرب يعتقدون أنه عام الخير الوفير والنصر الأكيد، كيف ولا وقد كانت انطلاقة هذا العام مشرقة على حد وصف العرب وأنه سيكون غير أي عام. بداية عام 2010 التي حملت نوعا من التحسن الملحوظ على مستوى الوضع الأمني في العراق خاصة بعد سحب العديد من دول التحالف قواتها من أرض الرافدين، مؤشر جعلنا نحن العرب نطمع بعودة حقيقية لعريق عريق. كما أن جائزة السلام للرئيس الأمريكي أوباما في بداية عام 2010 أخذت العرب لرسم صورة من التفاؤل لعودة السلام والأمان للمنطقة، واعتقدوا أن نوبل للسلام ستكون وسيلة ضغط على الرئيس الأمريكي من أجل السلام وردعه عن لغة السلاح. ونحن قد دخلنا عام 2010 ومذكرة أوكامبو باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير لم ترى النور، مؤشر اخر جعل العرب في قمة التفاؤل بما سيحمله هذا العام من الأحلام العربية المنشودة. أحلام عربية أخذت تتلاشى شيئا فشيئا، وأيقنوا أنها مجرد بداية خادعة لعام أكثر خداعا، إذاً هو الهدوء الذي يسبق العاصفة إن لم نقل الكارثة. فسيناريو محرقة غزة سبتمبر 2009 يبدو أنه قد بدأ مبكرا عام 2010 وبصورة أفضع، راح الإسرائيليون إلى تدنيس الأقصى وتدشين الكنيست على مشارفها، فأي عار سنحمل أكثر من هذا. المد الاستيطاني الإسرائيلي الذي عرف نشاطا واسعا خلال العمر المبكر لهذا العام لم يسبق أن عرفه في أي فترة سابقة، قوبل بصمت عربي رهيب، في حين راحت إدارة أوباما إلى معارضة مشروع الاستيطان لا لشيء، فقط لاحتواء غضب المجتمع الدولي من جهة ومحاولة وضع جائزة السلام في إطارها من جهة أخرى، والأكيد أن الاستيطان ماهو إلا مشروع أمريكي بصبغة إسرائيلية. وفي ظل هذا كله يبقى عمرو موسى وجماعته يحلقون خارج السرب، وجامعة الدول العربية أضحت عنوانا اشمأزت وسائل الإعلام من تناوله. وبالكاد ما لبث العرب رفع شعارات العراق الجديد، العراق الوحدة الوطنية، حتى أكلها مصطلح جديد هو الانفلات الأمني، فإن كان العدو بالأمس في العراق معروف وهو الأمريكي، فمن هو العدو اليوم ياترى، قضية أطلقت أصابع الاتهام في كل الإتجهات ليختلط الحامل بالنابل في حضارة بلاد الرافدين الجديدة. ناهيك عن كواليس دارفور والصومال والصحراء الغربية، كواليس نستفيق عليها كل صباح دون أن تترك فينا أدنى تأثير للتغيير. إذاً هذه فقط مقدمة عام 2010 وكل المخافة مما سيحمله لب هذا العام، والكارثة التي لا يختلف عليها اثنان ستكون في خاتمته. فنيل المطالب لم تكن يوما بالتمني وإلا كنا جميعنا في الجنة، ومادام التمني الكلمة التي تتصدر قاموسنا العربي، فإن عام 2010 سيكون امتدادا حتميا لواقع مر يجسده عام أمر في بلادنا العربية. إذاً هو عام 2010 الذي سيكون سيرورة لحوار صريح، حوار يمثله حلم عربي يبحث عن النور وظلم غربي يحول دون ذلك. ز.ب.