في وقت تجاوزنا فيه عبارة ماكلوهان القائلة بأن العالم أصبح قرية كونية، وفي وقت فرضت لغة الأرقام وجودها في كل شيء، وفي وقت أخدت العولمة مفاهيم وأفكار جسدتها مختلف التطورات الفكرية والمادية إيجابية كانت أو سلبية. فالعالم بات أصغر مما نتوقع، كنتيجة مباشرة لما ذكرناه سابقا وكذا المد الإعلامي الذي يزداد ضخامة يوما بعد يوم، وذلك من خلال آلاف القنوات الفضائية والإذاعات المحلية والدولية وهلم جر. بالتالي لن يصعب عنا معرفة مايجول بأركان الصين في ظل هذه الكينونة الرقمية. ما أردت أن أخوض فيه من خلال هذا التقديم، هو سؤال حيرني بل وجعل أفكاري تتلاقح دون أن تنجب شيئا، سؤال ردده الكثيرون ولازال يُردد الى حد الساعة لكن دون مردود. بعد كل مابلغه هذا العالم الكبير الصغير، ألم يحن للجزائر أن تفتح المجال السمعي البصري، هذا هو سؤالي الذي عجزت حتى التكنولوجيا الحديثة الإجابة عنه، فإن كانت مبررات عدم فتح هذا القطاع ساقتها العشرية السوداء، فماهي مبررات اليوم بعد أن أصبحت تلك العشرية مجرد ذكرى، أو أن الجزائر لا تملك الكفاءات الإعلامية والإطارات التقنية والعلمية في هذا المجال، بل أقول أننا نحن من نملك كل هذا وما نشاهده عبر الفضائيات العربية والأجنبية، والجزائريون قد غزوها بتألقهم وطلتهم البهية، أكدوا فعلا أن للجزائر خزانا من الإعلاميين من النوع الفريد. ألا يجب علينا أن نأخد بتجربة ليبيا والمغرب وغيرهم من الذين بسطو النور لإعلامهم ليكون مثالا للإعلام الرصين والهادف. فنحن ما رحمنا وما تركنا رحمة الله تنزل، حيث لم نرتق بما تسمى باليتيمة ولم نقدم قناة نفخر بها نحن الجزائريين، وما نحن تركنا الفرصة للخواص أن يبدعوا ويتألقوا في المجال. أليس من العيب أن نقر بأننا نملك خمس قنوات، في حين انها تقدم مضمونا واحدا وبنفس الطاقم الذي يسيرها، إن الآخرين يموتون ضحكا وسخرية عندما يرون الجزائر لازالت تعيش على أحلام القناة الواحدة التي تتلون في الدقيقة بأكثر من لون، فهي الآن تراها رياضية وبعدها بلون السياسة وبعدها لا أدري، وكل هذا دون دراسة أو تخطيط مسبق، ناهيك اذا تكلمنا عن لعنة الجانب التقني لهذه اليتيمة. أليس هذا كفيل بأن نطلق العنان للسمعي البصري، وندع أهل الاختصاص يقومون بعملهم، ونعيد نجومنا التي همشها إعلامنا المريض وأهداها بغبائه إلى الآخر. نعم من حق مؤسسات المجتمع أن تخشى من التبعات السلبية لفتح السمعي البصري، لكن إذا رُسمت خطوط واضحة ووُضعت قوانين صارمة لمن يريد فتح مؤسسة سمعية بصرية في الجزائر، فالأمور ستسير كما يرغب فيه الجميع.