شهدت الأيام الأخيرة رواجا كبيرا لتجارة القمح التي ابتدعها بعض أصحاب المطاحن، بتواطؤ من الكثير من الفلاحين، حيث تم تخزين الآلاف من الأطنان من هذه المادة خارج مخازن الديوان بهدف إعادة بيعها له ضمن المحصول الجديد لهذه السنة، من دون أن يتحرك لا الديوان الوطني المهني للحبوب ولا وزارة الفلاحة التي تبقى المعني الأول بهذه القضية. ورغم أن هذه العملية أصبحت حديث العام والخاص في الوسط الفلاحي في منطقة الشرق الجزائري، إلا أن أصحاب الكثير من أصحاب المطاحن والفلاحين على حد سواء لا يزالون يعبثون بالمال العام، حيث يقدمون على بيع الشحنات التي يتزودون بها من مصالح الديوان الوطني للحبوب للفلاحين بثمن مرتفع على أن يعيد هؤلاء بيعها للدولة بالسعر المدعم وهو 4500 دج. والمثير للاستغراب في هذه القضية التي كانت ''الحوار'' السباقة إلى كشفها هو أن مصالح الديوان على مستوى العاصمة ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية لم تحرك ساكنا، ولو بإيفاد لجنة تحقيق إلى ولاية سطيف وبعض الولايات المجاورة لها التي تشهد مثل هذه التجارة وهذا كأضعف الإيمان، للوقوف على هذه الحالات واتخاذ الإجراءات الردعية بحق المتلاعبين بالمال العام، حيث لا يزال الكثير من الفلاحين الذين كشفوا المستور ورفضوا الدخول في هذه اللعبة ينتظرون تدخلا صارما من الوزارة لردع هؤلاء. ويقدر بعض المختصين الخسائر في حالة نجاح هؤلاء في إعادة الكميات المخزنة من القمح إلى الديوان بمئات الملايير من الدينارات، خصوصا وأن الفارق في سعر البيع بالنسبة للديوان وسعر الشراء من الفلاحين يقارب الضعف ومع احتساب آلاف الأطنان التي تم تخزينها تحسبا لهذه العملية يتضح بصورة جلية حجم الخسائر التي ستلحق بالخزينة العمومية. وكانت هذه العملية تشهد انتشارا بسرعة البرق و التي أقبل عليها خصوصا أصحاب المطاحن الذين يملكون مخازن ذات السعة التخزينية الكبيرة، حيث يعمدون إلى الاعتماد على القمح المستورد ويبيعون القمح المحلي للفلاحين وهذا بعد اتفاقهم معهم بهدف دمج هذه الكميات مع الكميات التي ستجمع أثناء عملية الحصاد وبيعها بثمن مضاعف، حيث يبيع الديوان الوطني للحبوب القنطار الواحد ب 2300 دج ، في حين يشتريه من الفلاحين بأكثر من 4000 دج للقنطار الواحد وهذا في إطار سياسة الدعم التي تنتهجها الحكومة تجاه قطاع الفلاحة.