تتخوف السلطات الفرنسية من إمكانية اندلاع مواجهات بين المسلمين ومتطرفين فرنسيين يوم غد الجمعة قبيل بدء مباراة الجزائروانجلترا، بسبب دعوة جماعة متطرفة إلى إقامة تجمع كبير يحمل شعار ''نقانق ونبيذ''، وهدفه إعادة نشر عادات المسيحيين بأحد شوارع باريس بعد أن حظرت تقاليد المسلمين بها كشرب الكحول وأكل لحم الخنزيروأفادت وسائل إعلام فرنسية أن مجموعة على شبكة التواصل الاجتماعي ''فيسبوك'' قد دعت إلى تجمع كبير الجمعة المقبل بأحد أحياء باريس شعاره ''نقانق ونبيذ''، مشيرة إلى أن هذه المجموعة التي تترأسها سيدة تدعى سيلفي فرانسوا قد أطلقت نداءها في 21 ماي الماضي لحضور هذا التجمع الكبير في حي ''لا غوت دور'' الشعبي بالدائرة 18 في باريس، المعروف بمزيجه العرقي. وطالبت المجموعة عبر موقعها على ''فيسبوك''، الذي استقطب نحو 3500 معجب، جميع ''الفرنسيين الأصليين'' الذين تربطهم بفرنسا رابطة الدم، وكذلك أصدقاء باريس في كل مكان وسكان الضواحي الفرنسية إلى الانضمام إليها حتى ''تعود المظاهر الأصلية للحي بعدما سطا عليه الخصوم'' -على حد قولها -خصوصا يوم الجمعة، حيث يؤدي مئات المسلمين صلاة الجمعة. وأوضحت سيلفي فرانسوا خلال حوار معها نُشر على موقع ''ريبوست لاييك'' الذي يعني الرد العلماني، أن هذا التجمع يهدف إلى استعادة الحي من ''المسلمين الذين يحاولون فرض منتجاتهم الإسلامية وحظر منتجاتنا بما فيها لحم الخنزير والكحول... لأنها لا تتماشى مع معتقداتهم الدينية'' وتضيف: ''بالنسبة إلي كامرأة فإنني لا أتعاطف مع الدين الإسلامي، وأجده كفرنسية الجنسية ديانة غريبة''. وفي هذا السياق، أعرب رئيس بلدية باريس برتران ديلانو في بيان له نشر أول أمس الثلاثاء، عن تخوفه من إمكانية حدوث تجاوزات، وطالب بضرورة اتخاذ تدابير أمنية لمواجهة أي طارئ، قائلا في هذا الشأن ''من الواضح أن هذا التجمع يقف وراءه من ينتمون إلى اليمين المتطرف''، مضيفا ''خاصة وأنه سينظم بعد ساعات قليلة من صلاة الجمعة في لا غوت دور، وقبيل انطلاق مباراة كرة القدم بين الجزائروانجلترا''، ومعلوم في هذا الشأن أن الجالية الجزائرية في فرنسا تشكل أكبر جالية مسلمة بتعداد يقارب ثلاثة ملايين شخص. وزاد رئيس البلدية بالقول ''يبدو أن الجميع مصمم على القيام بانتهاكات وإحداث العنف''، مبينا أن''التعبير عن العنصرية والتعصب لا مكان له في باريس''. ومن جانبها، أدانت كاتبة الدولة الفرنسية للمدينة فضيلة عمارة ذات الأصول الجزائرية هذا النوع من التصرفات التي من شأنها ''إثارة الكراهية والعنصرية وكره الأجانب''، قائلة في هذا الإطار ''إننا مع الجميع في تجمعهم وشرب الخمر، لكن عندما يكون من أطراف ذات صلة باليمين المتطرف، وكل ما يترتب عنه من كراهية فإن الأمر يصبح خطيرا للغاية''. ومن جهته، دعا عميد مسجد باريس الكبير دليل بوبكر مسلمي الحي الذي سيقام في هذا التجمع العنصري إلى أداء صلاة الجمعة بالمسجد الذي يشرف عليه، تجنبا لأي مصادمات أو استفزاز من هؤلاء المتعصبين. وقد لقي هذا التجمع التنديد من جموع المنظمات الحقوقية، خاصة المتعاطفة مع الأقليات في فرنسا، وفي هذا الإطار تقدمت رابطة مناهضة العنصرية ''آس أو آس راسيزم'' بدعوى لوقف هذا التجمع وقالت إنه ''تجمع عنصري، منظموه يرتكزون على نفس الحيثيات التي ارتكزت عليها جمعية التضامن مع الفرنسيين التي نظمت في العام 2007 حساء بلحم الخنزير للأشخاص بدون مأوى في الشوارع''. وقال رئيس ''رابطة مكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا'' بفرنسا عبد العزيز شعمبي في تصريح لقناة فرانس 24 بأن هذا ''استفزاز مباشر للمسلمين من قبل اليمين المتطرف الذي هو وراء الدعوة، مضيفا ''هذه حلقة جديدة من معركته ضد الدين الإسلامي، ومن المؤسف أن شخصيات من اليسار ومن الجالية المسيحية بدأت تنضم لمثل هذه الدعوات التي لا هدف من ورائها سوى التعبير عن الكراهية والعداء للمسلمين والعرب''. وزاد شعمبي بالقول ''تنظيم تجمع كهذا في مكان 30 بالمائة من سكانه مسلمون، وفي يوم الجمعة دعوة مباشرة للمواجهة مع المسلمين، لذلك فنحن نتخوف كثيرا من أن تنحرف الأمور عن مسارها الطبيعي''. ومن جهته يسعى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على تقديم طلب رسمي للسلطات الفرنسية لمنع تنظيم هذا التجمع. حيث قال رئيسه محمد موساوي ''بما أن الدعوة مبنية أساسا على المواجهة مع المسلمين وعلى العداء والكراهية، فإن ذلك خرق مباشر للقانون، ولا نظن بأن السلطات الفرنسية ستسمح بمثل هذه الخروقات''. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدعوة قد تلقى مزيدا من التأييد، خاصة وأنها ستقام قبل بدء مقابلة الجزائرانجلترا، بالنظر إلى أنها تأتي بعد قيام المناصرين الجزائريين الأحد الماضي بحرق العلم الفرنسي واستبداله بالراية الجزائرية في بلدية فيلنوف سان جورج عقب مباراة الجزائر وسلوفينيا.