استطاعت السلطة الفرنسية تجنب المواجهات التي كانت متوقعة بين أنصار الفريق الوطني خلال مباراة أمس التي جمعت الخضر بانجلترا وبين منظمي تظاهرة ''نقانق ونبيذ'' الذين يرفعون شعارات منددة بانتشار العادات الإسلامية في فرنسا العلمانية. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن المئات قد تظاهروا في وسط باريس مساء أول أمس الجمعة احتجاجا على منعهم من إقامة حفل ''نقانق ونبيذ'' في الهواء الطلق في حي متعدد الاثنيات، وتنديدا ب''أسلمة فرنسا''، مشيرة إلى أن الشرطة قد قدرت عدد المشاركين في هذه التظاهرة العنصرية بحوالي 800 شخص، والذين لبوا نداء أطلقته حوالي 20 منظمة علمانية أو يمينية متطرفة. وتجمع المتظاهرون في أعلى جادة الشانزيليزيه، التي يقصدها السياح بكثرة، بعدما منعتهم السلطات من إقامة حفلهم في حي ''لا غوت دور'' في شمال باريس، الذي يقطنه سكان من اثنيات متعددة ويشتهر بمسجده الذي يعتبر أحد أكثر مساجد باريس اكتظاظا بالمصلين. وحمل المتظاهرون ''النقانق'' بأيديهم منددين بما أسموه ب''غطرسة المسلمين'' الذين ''يحتلون الشوارع للصلاة في لا غوت دور''، كما نددوا ب''استقالة الجمهورية'' التى تترك المسلمين يقومون بهذا الأمر من دون أن تردعهم، مطالبين في الوقت ذاته ب''رضوخ الإسلام لقوانين الجمهورية''. وعرفت التظاهرة مشاركة ناشطين فى منظمات علمانية أو نسائية جنبا إلى جنب مع ناشطين من اليمين المتطرف ومشجعين لنادي باريس سان جرمان لكرة القدم الذين حملوا عبوات الدخان التي يستخدمونها عادة في الملاعب، وكان من بين هؤلاء بيار كاسين من منظمة ''رد علماني'' الذي دعا إلى ''يقظة ضمائر'' ضد ''فاشية سياسية - دينية''، معتبرا أن المسلمين يسعون إلى إرغام الجمهورية على التأقلم مع قوانين الشريعة الإسلامية في ما خص الصلاة والحجاب أو حتى تجارة اللحم الحلال. وكانت السلطات الفرنسية قد أعلنت في وقت سابق تخوفها من إمكانية اندلاع مواجهات بين المسلمين ومتطرفين فرنسيين يوم الجمعة الماضي قبيل بدء مباراة الجزائر وانجلترا بسبب دعوة جماعة متطرفة أطلقتها على شبكة التواصل الاجتماعي ''فيسبوك'' تنادي بإقامة تجمع كبير بأحد أحياء باريس شعاره ''نقانق ونبيذ''. وطالبت المجموعة عبر موقعها على ''فيسبوك''، الذي استقطب نحو 3500 معجب جميع ''الفرنسيين الأصليين'' الذين تربطهم بفرنسا رابطة الدم، وكذلك أصدقاء باريس في كل مكان وسكان الضواحي الفرنسية إلى الانضمام إليها حتى ''تعود المظاهر الأصلية للحي بعدما سطا عليه الخصوم'' -على حد قولها - خصوصا يوم الجمعة، حيث يؤدي مئات المسلمين صلاة الجمعة. وكان رئيس بلدية باريس برتران ديلانو قد أعرب في بيان له نشر الثلاثاء الماضي عن تخوفه من إمكانية حدوث تجاوزات، وطالب بضرورة اتخاذ تدابير أمنية لمواجهة أي طارئ، قائلا في هذا الشأن ''من الواضح أن هذا التجمع يقف وراءه من ينتمون إلى اليمين المتطرف''، مضيفا ''خاصة وأنه سينظم بعد ساعات قليلة من صلاة الجمعة في لا غوت دور، وقبيل انطلاق مباراة كرة القدم بين الجزائر وانجلترا''، ومعلوم في هذا الشأن أن الجالية الجزائرية في فرنسا تشكل أكبر جالية مسلمة بتعداد يقارب ثلاثة ملايين شخص. وزاد رئيس البلدية بالقول ''يبدو أن الجميع مصمم على القيام بانتهاكات وإحداث العنف''، مبينا أن''التعبير عن العنصرية والتعصب لا مكان له في باريس''. ومن جانبها، أدانت كاتبة الدولة الفرنسية للمدينة فضيلة عمارة ذات الأصول الجزائرية هذا النوع من التصرفات التي من شأنها '' إثارة الكراهية والعنصرية وكره الأجانب''، قائلة في هذا الإطار ''إنا مع الجميع في تجمعهم وشرب الخمر، لكن عندما يكون من أطراف ذات صلة باليمين المتطرف وكل ما يترتب عنه من كراهية فإن الأمر يصبح خطيرا للغاية''. وفي هذا الإطار، تقدمت رابطة مناهضة العنصرية ''آس أو آس راسيزم'' بدعوى لوقف هذا التجمع وقالت إنه ''تجمع عنصري، منظموه يرتكزون على نفس الحيثيات التي ارتكزت عليها جمعية التضامن مع الفرنسيين التي نظمت في العام 2007 حساء بلحم الخنزير للأشخاص بدون مأوى في الشوارع''، وهو الطلب الذي لقي القبول من طرف السلطات الفرنسية ومكن من تجنب حدوث مواجهات بين هذه الجماعات المتطرفة والمشجعين الجزائريين الذين غزوا شوارع فرنسا بعد أن استطاع الفريق الوطني أن يفرض التعادل السلبي على نظيره الانجليزي برسم المواجهة الثانية من بطولة كأس العالم.