تكتسي الموارد المائية في الجزائر طابعا استراتيجيا في مسار التنمية الشاملة للبلاد لارتباطها الوثيق بالتنمية المستدامة، فانه يقتضي ترشيد استعماله لتلبية حاجيات السكان والاقتصاد الوطني دون رهن حاجيات الأجيال القادمة . وتزداد حدة مشكلة الماء في الجزائر بسبب الخصائص المناخية التي تتراوح بين الجاف وشبه الجاف على معظم أجزاء الوطن، وهي بالتالي غير وفيرة للأمطار مما يهدد بتناقض الموارد في وقت يزداد فيه الطلب على هذا المورد بفعل النمو الديموغرافي ولتنامي القطاعات المستهلكة كالصناعة والفلاحة والسياحة . وتصنف الجزائر واحدة من الأمم الأفريقية التي تتنبأ جامعة جونز هوبكينز أن يقل فيها معدل الماء السنوي المتاح لكل فرد عن ألف متر مكعب بحلول عام ,2025 وهذا رقم مفزع لأن الخبراء عادة ما يصنفون بلدا ''شبه جاف'' عندما تقل فيه كمية المياه المتاحة لكل فرد عن 1700 متر مكعب. وأكد وزير الموارد المائية عبد المالك سلال أن الجزائر تعتزم استثمار 15 مليار دولار في مجال المياه في إطار برنامج الإنعاش الاقتصادي، لإيجاد الحلول لمشاكل القطاع المتمثلة خاصة في إنتاج المياه وتوزيعها ومعالجة المياه الملوثة وإعادة استعمالها في ري المساحات الفلاحية، . وأشار الوزير في تصريحاته إلى أن السوق الوطنية أصبحت محل اهتمام العديد من الشركات الأجنبية، والدليل هو المشاركة القوية المسجلة في الصالون الدولي لتجهيزات المياه الذي احتضنه قصر المعارض بداية السنة الجارية، حيث تقدمت مختلف الشركات الوطنية والأجنبية بعرض آخر التقنيات في مجال تسيير المياه بمختلف أنواعها. ولهذا انتقد وزير الموارد المائية عبد المالك سلال نمط استهلاك المواطن الجزائري للمياه الصالحة للشرب، قائلا :'' إن الجزائري يستهلك المياه بعقلية بلد غني بالمياه الصالحة للشرب، لكننا لسنا في هذه المرتبة ''. حيث ولم يستبعد وزير الموارد المائية أن يكون في المستقبل تطبيق سعر مرجعي للمياه، إذ كشفت آخر دراسة معدة أن ربع الجزائريين أي حوالي سكان 600 بلدية في الوطن لا يدفعون فاتورة المياه نهائيا أو يدفعون سعرا رمزيا وأن رفع تسعيرة المياه الصالحة للشرب يظل مستبعدا في انتظار توفيرها بصفة غير منقطعة للمواطنين. وأضاف المسؤول إن هناك إجراءات صارمة سيتم تطبيقها قريبا لإلزام هؤلاء بدفع فاتورة المياه ''، مستبعدا أن يتم اتخاذ إجراءات ردعية وعقابية في القريب العاجل ضد هؤلاء بالنظر إلى حساسية الملف، مؤكدا أن الهدف هو تمويل كل الجزائريين بالمياه وأن يدفعوا ثمن المياه التي يزودون بها. و فنّد المتحدث أن يتم رفع تسعيرة المياه الصالحة للشرب، قائلا ردا على أسئلة الصحفيين :'' لا يمكن رفع التسعيرة في الوقت الراهن لأن ذلك لا يحل المشكل المطروح في الجزائر الخاص بعقلنة استغلال الموارد المائية ''. وأشار وزير والموارد المالية إلى أن رفع الأسعار قد يطرح في وقت لاحق ويتحقق فيه شرط توفير المياه للمواطن الجزائري 24 على 24 ساعة، موضحا أنه حينها يكون رفع التسعيرة منطقيا ليدفع المواطن مقابل نوعية الخدمة المناسبة .