بينما تتحضر الأمة الإسلامية لاستقبال أولى أيام شهر رمضان المعظم، وبينما تسعى أطراف أخرى لبعث روح السلم والمسالمة، وبعث الحوار من جديد بين الغرب والإسلام، يتحضر بعض الأمريكيين للاحتفال بالذكرى السنوية لاعتداءات 11 سبتمبر بإحراق ''القرآن''، تصوروا معي، بإحراق مصاحف القرآن... طريقة مخزية ومذلة، للاحتفال بمحاربة ''شيطان الإسلام'' كما يدعون، طريقة غريبة عجيبة للاحتفال، تحرض عليها إحدى الكنائس في فلوريدا، التي ''تدعي الطب وتموت بالعلة''، وإلا بماذا نصف مبادرة عدائية مثل هذه، في الوقت الذي يدعو فيه بابا الفاتيكان بمد جسور الحوار والأمان بين الكنيسة والمساجد، وبين مختلف الديانات.. أكيد أن أحداث 11 سبتمبر لم تكن بالأحداث العادية، التي مرت علينا مرور الكرام، والأكيد أنها مست مشاعر وأحاسيس العالم بأسره، لكن أن تقام مراسيم الاحتفال بهذه الطريقة المهينة لمشاعر المسلمين فذاك الذي نددت به عديد المنظمات الإسلامية النشطة بالولاياتالمتحدةالأمريكية وعبر العالم. القس تيري جونز صاحب الكتاب الشهير: ''الإسلام هو الشيطان''، ومنظم الحدث قال إن ''الإسلام والشريعة هما المسؤولان عن اعتداءات 11 سبتمبر، لذلك سنحرق المصاحف لأننا نعتقد أن الأوان قد آن للمسحيين وللكنائس وللمسؤولين السياسيين أن ينهضوا ويقولوا: ''لا، الإسلام والشريعة ليسا مرحبا بهما في الولاياتالمتحدة ''، كلمات نارية استفزازية عدائية، لا يمكن وصفها بالمعتدلة أبدا، تسعى إلى إراقة الدماء والنيل من الإسلام والمسلمين في كل مكان، ولا تبعث على الارتياح، فالعداء متزايد دون شك. وبين مؤيد ومعارض انقسمت آراء شباب الفايس بوك على الأنترنت، فأججت الحدث وزادت من احتمال تضاعف حدة الكره المتزايد للإسلام. فبعدما تمنينا خيرا في أوباما، وأملنا أن تلقى جاليتنا عنده، كل الخير، بعد ذهاب بوش وسياسة بوش التدميرية، صرنا لا نرى فرقا بين كليهما، وكأنهما وجهان لعملة واحدة، هو ليس كلامي فحسب، لكن منظمة أميركية يسارية تتهم إدارة الرئيس أوباما بالسير على خطى سلفها في سياستها الأمنية، وجاءت انتقادات المنظمة الأميركية للدفاع عن الحريات المدنية التي تتمتع بنفوذ كبير، في تقرير حول حصيلة أداء الرئيس الديمقراطي بعد 18 شهرا من وصوله إلى البيت الأبيض. ما يؤكد صحة التحليل، فبعدما انتظرنا طويلا انطلاق فترة حكم حسين باراك أوباما، الذي ما استفدنا منه غير كلمة ''حسين''، تفاجأنا ونحن من كنا نرغب في تبديل سياسة جورج بوش بسياسة الرجل الأسود، أكثر اندفاعا وعدائية وكأن شيئا لم يتغير، وصار يؤسفنا أن نقول: ''كل عام ورمضاننا بخير، مع مثل هذه الخرجات الاستفزازية''.