لا يختلف اثنان على أن التركيبة الفزيولوجية والعقلية واحدة بين كل البشر ولا ينكر أحد أن القدرات الذهنية الكامنة لدى البشر متشابهة بل ومتساوية لكن نقطة الإختلاف هي في تفعيل هذه الذهنيات و القدرات العقلية الكامنة . فالإنسان الياباني أو الأمريكي ما كان ليختلف عن الإنسان العربي لولا أنه فجر قدراته العقلية في محيطه الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي وحتى السياسي ، ببساطة لأنه آمن بملكته العقلية في إحداث التغيير وصنع المستحيل . الإنسان العربي الذي كان بالأمس البعيد رجل فكر، وبتفكيره يدرك حقا وجوده ،استطاع إيجاد لنفسه كيانا حقيقيا من حيث انه إنسان ، لكن إذا تكلمنا عن موقع الإنسان العربي من التكنولوجيا و الإفرازات العالمية الجديدة سنجده مستهلك وبأعلى الدرجات دون أن يكون له أي دور في ما يشهده العالم علميا وصناعيا ، فلماذا يا ترى ، الإجابة بسيطة إذا ما أدركنا أننا نخضع لعوامل عديدة أبعدتنا كي نرنو نحو صناعة الطائرة و الحاسوب وغيرها ، و أهم هذه العوامل تكمل في اهتزاز ثقة الفرد العربي في قدراته العقلية و الفكرية و الإبداعية وحتى نؤمن بقدراتنا العقلية علينا أن نرسخ في أذهاننا قاعدة مهمة وأساسية وهي ،ما هو ممكن لغيري فهو ممكن لي ، ومن العوامل أيضا نجد أن هناك قتل للمواهب و الإبداعات لدى الفرد العربي ، فغياب التشجيع و الدعم المعنوي و المادي يجعل من الإبداع العربي عرض الحائط ، نذكر أيضا مصطلح لطالما ترعرع في الأوساط العربية ألا وهو التواكل حيث أن الفرد العربي بنى لنفسه قاعدة ثابتة وهي أن الفرد الأجنبي هو من يصنع وينتج ويبدع والفرد العربي هو من يستهلك وفقط دون أي خيار للإبداع أو التفكير ، هذا ولّد نوعا من الكسل و خمول العقل العربي عن التفكير و تفعيل قدراته العقلية , إضافتا إلى ذلك ، غياب المسؤولية الذاتية و الاجتماعية فلو أعتقد الفرد العربي كل الاعتقاد بأنه مسؤول أمام نفسه وضميره و أمام مجتمعه وعليه فهو مطالب بل وملزم بإعتباره واحدا من هذا المجتمع ، أن يعمل من أجل رقيه ونهضته و أن يفكر في المصلحة العامة قبل الخاصة ، لرسمنا لواقعنا صورة أبهى نفتخر بها في كل زمان ومكان . إذن أرى أنه إذا تجردنا من كل هذه الأسباب وشربنا من كأس اليقين وحطمنا جدار المستحيل ، يمكننا حينئذ أن نقولها وبصوت أعلى ، '' العرب يصنعون الطائرة ، يصنعون الحاسوب ، بل ويصنعون الحضارة العلمية الحقة '' .