بعد قرابة 500 سنة من إقامة العلاقات بين الجزائرولندن أين تم عقد العشرات من الاتفاقيات الدبلوماسية والتجارية والثقافية بين الجزائر وبريطانيا العظمى في العام ,1585 وتعيين قنصل للمملكة المتحدة اسمه جون تبتون وبصلاحيات واسعة لتمثيل التاج البريطاني في كل دول شمال إفريقيا، حيث كان يقيم في الجزائر هناك حيث عرفت تلك الفترة ازدهارا في العلاقات وصل إلى حد تفضيل أثرياء بريطانيا قضاء عطلهم الصيفية على الشواطئ والسواحل الجزائرية.. بعد 500 سنة وأكثر إلى أين تتجه دفة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى العسكرية بين البلدين، وما هي أهم المعوقات التي تقف أمام تطور هذه العلاقات، قضية الملياردير المتابع من طرف القضاء الجزائري عبد المومن خليفة، مكافحة الإرهاب استثمارات ''بي بي'' و البنك البريطاني العالمي '' اتش اس بي سي'' في الجزائر.. ملف التأشيرة للدخول إلى بريطانيا.. قانون المالية التكميلي والإجراءات الحمائية التي فرضتها الحكومة الجزائرية، الإسلام في بريطانيا ونجاح أول بريطانية تنحدر من الجزائر والعالم العربي في أن تكون عمدة في إحدى بلديات لندن.. إضافة إلى قضية الصحراء الغربية التي تراها لندن بنظرة مغايرة تماما لنظرة الدول الأخرى باعتبارها عضو دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي، كما أن لندن تعد واحدة من أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة في معالجة الملف الصحراوي..هذه وغيرها من الأسئلة التي طرحتها ''الحوار'' على سفير بريطانيا وإيرلندا الشمالية لدى الجزائر السيد أندرو أندرسن في لقائنا معه على هامش حفل الاستقبال الذي نظمته عمدة بلدية انزلنغتن ببريطانيا السيدة منى حميطوش على شرف السفير البريطاني بالجزائر، والذي عرف حضور عضو مجلس العموم البريطاني ووزيرة البيئة في حكومة الظل في حزب العمال السيدة إيميلي ثورم بيري إضافة إلى نخبة من الجالية الجزائرية وشخصيات بريطانية رفيعة المستوى وصحفيين احتفالا بيوم عيد استقلال الجزائر في بريطانيا وتتويجا لها بانتصارها وشكر وعرفان للسفير البريطاني السيد أندرسون مناصفة مع السفير الجزائر في لندن السيد محمد الصالح دمبري في تطوير العلاقات الجزائرية-البريطانية في ال4 سنوات الأخيرة... وفي هذا الحديث مع ''الحوار'' يشدد الرجل على الاهتمام البالغ الذي أعلنه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون والطاقم الحكومي وطاقم الخارجية البريطانية في أن يولوا الاهتمام في المرحلة القادمة بمنطقة شمال أفريقيا على العموم والجزائر على الخصوص للخمس سنوات القادمة، في إطار برنامج تطوير العلاقات البريطانية مع الخارج، كما أنه يفيد بزيارة مرتقبة لوزير الخارجية البريطاني وليام هينغ إلى الجزائر قريبا، مؤكدا أنها تهدف إلى تعزيز أواصر العلاقات الثنائية بين البلدين. ويقول بأن نجاح السيدة منى حميطوش هو نجاح لكل بريطاني هاجر إلى هذا البلد لاسيما من البلاد العربية والإسلامية والإفريقية، مشددا على أن لندن لا تطبق سياسة انتقائية أو عنصرية في منح الفرص ضمن المشاركة السياسية، حيث أثبت أن بريطانيا منحت الفرصة أمام المرأة التي وقفت إلى جانب المملكة في أصعب الظروف والحروب كما وقت السلم. وإلى لغة المال والأعمال يكشف الرجل عن دخول عملاق التبغ البريطاني ''بريتش آند أمركن توباكو'' إلى الجزائر بإنشاء مصنع في ولاية وهران، كما يثمن افتتاح مصنع المخبر البريطاني للأدوية ''جي اس كا'' في مدينة بودواو، ويشير إلى أن 192 مؤسسة بريطانية تعمل في الجزائر، وهو رقم مرشح للارتفاع مستقبلا مع دخول عملاق المؤسسات المصرفية البريطانية والعالمية '' اتش اس بي سي''، وفي هذا الصدد يقول الرجل إن حجم التبادل بين البلدين قد وصل إلى 2 مليار جنيه استرليني بأفضلية للجانب الجزائري، حيث يشكل النفط والغاز أغلب هذه التبادلات، كما سألناه عن تموقع شركة ''بي بي'' العملاقة في الصحاري الجزائرية. .السفير البريطاني آندرو أندرسن أكد لنا أن أهم عائق لولوج الاستثمار البريطاني إلى الجزائر يبقى نقص التشاور والاتصالات بين الجانبين. وحول رأيه في الإجراءات الحمائية وقانون المالية التكميلي يؤكد الرجل أن من حق أي دولة القيام بما تراه يدخل ضمن سيادتها، لكنه يؤكد في المقابل أن ''البزنس'' لا يفهم إلا لغة الشفافية والوضوح، موضحا انه يتفهم الموقف الجزائري الداعي لتخفيض الاستيراد ومعادلة الميزان التجاري، وعن الوضع الأمني يشدد سفير بريطانيا على أن الجزائر لم تعد ذلك البلد الذي كان ينظر إليه في فترة التسعينات، ويتساءل عن مغزى وأهداف العمليات التي تقوم بها بعض الجماعات التي ليس لها أي هدف سياسي سوى تهديد السلطات والأمن الاجتماعي، مؤكدا أن الحرب على الإرهاب هي مهمة الجميع، ومفيدا أن بريطانيا أسهمت في تكوين العديد من إطارات الأمن والجيش الجزائري، كما شدد على أن بريطانيا تفرق تماما بين الإرهاب والإسلام الذي دعانا لاكتشافه في شوارع المملكة المتحدة، وكيف يساهم المسلم البريطاني في نماء بلاده ضاربا المثال بالسيدة منى حميطوش. أما فيما يخص قضية الملياردير الهارب عبد المومن خليفة اكتفى السفير أندرسن بالقول أن القضية ما تزال في أروقة العدالة وأنه لا يملك معلومات جديدة ماعدا الطعن الذي تقدمت به هيئة دفاع المتهم إلى المحكمة العليا. وعن إمكانية رفع نسب منح التأشيرات لدخول بريطانيا فيما يخص الجزائريين، قال الرجل إن ظروف منح التأشيرة البريطانية قد تحسن كثيرا بالمقارنة مع سنوات التسعينات، حيث كان الجزائري يتنقل إلى تونس، مشيرا إلى افتتاح السفارة والقنصلية البريطانية بالجزائر من طرف نجل الملكة الأمير أندرو، وكشف الرجل أن دراسة ملف التأشيرة البريطانية قد جرى تخفيضه من 3 أسابيع إلى 10 أيام إلى أسبوعين على أقصى تقدير مع تخصيص مركز خاص''ورلد بريدج'' لاستقبال الجزائريين كما في كل دول العالم في أحسن الظروف. ''الحوار'' اغتنمت الفرصة أيضا لسؤال السفير البريطاني عن موقف بلاده إزاء إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية، ليؤكد أن لندن كانت وما تزال تحث الأطراف على التفاوض، مبديا أسفه على بقاء الأطراف متباعدة من حيث تمسك كل طرف برأيه بالإضافة إلى أسفه على انعكاس ذلك على وضعية الشعب الصحراوي الذي يعيش ظروفا صعبة للغاية، موضحا أن بريطانيا مهتمة بالقضية نتيجة انعكاسها على الأمن والسلم في منطقة المغرب العربي وأفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، ومشدد ا أن بريطانيا لن تغير موقفها إزاء ضرورة أن يتم استفتاء الشعب الصحراوي من اجل تقرير مصيره دون أي ضغط من أي جهة، مسجلا أن لندن كانت وما تزال تشجع الأطراف على التحاور وتشجع مجهودات الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون ومبعوثه إلى المنطقة السيد كرستوفر روس، قائلا: ''إننا دوما مع رأي يرضي كل الأطراف دون العودة إلى الحرب... وفيما يلي نص الحوار الذي دار مع السفير البريطاني في لندن قبل أيام: سعادة السفير أندرو أندرسون أنتم تحضرون اليوم كضيف شرف للحفل الذي تقيمه السيدة منى حميطوش عمدة بلدية إنزلغتن هنا في العاصمة لندن، كيف تابعتم مسيرة هذه السيدة في ظرف الأربع سنوات الأخيرة كعضو عن حزب العمال، والذي تزامن مع فترة تمثيلكم للمملكة المتحدة كسفير مفوض فوق العادة في الجزائر التي تعتبر البلد الذي تنحدر منه السيدة حميتوش؟ أنا جد سعيد بحضوري اليوم لهذا الحفل الذي تقيمه السيدة منى حميطوش، حيث سعدت مرة أخرى في لقاء نخبة من الجالية الجزائرية في بريطانيا بالإضافة للبريطانيين من أصل جزائري والذي نسعد أنهم اندمجوا اليوم داخل المجتمع البريطاني، وأسهموا في مسيرة البناء والتطوير مع كافة البريطانيين الذين يتقاسمون نفس الأهداف والمبادئ. كما أنني سعيدا أيضا لأن الفترة التي قضيتها في الجزائر كما قلتم عرفت سطوع نجم السيدة منى ابتداء من العام ,2006 وهو تاريخ نجاحها في أول انتخابات تدخلها كمرشحة عن حزب العمال البريطاني في بلدية انزلنغتن ولقد شكل نجاح منى مثله مثل نجاح الكثيرين الذين جاؤوا إلى بريطانيا وأعطوا المثال الحسن لنضال المرأة المهاجرة التي اندمجت بسرعة داخل المجتمع البريطاني، وأعتقد أن هذا هو أحسن دليل على النية وإتاحة الفرص أمام الجميع للقيام بدور في المشاركة السياسة، وبريطانيا وكما تعلمون لها تاريخ عريق وحافل يمتد إلى مئات السنين في هذا المجال سيما في إتاحة المجال لبروز المرأة على مستوى كافة المجالات، خصوصا وأن التاريخ قد أنصفها فالمرأة البريطانية أعطت أكبر الدروس عبر التاريخ وعبر العديد من المحطات الحاسمة في تاريخ المملكة المتحدة وأوربا وحتى العالم. باعتقادي أيضا أن نجاح السيدة منى حميطوش هو نجاح للمرأة المهاجرة من الجزائر وإفريقيا والعالم العربي والإسلامي، وهو دلالة على أن بريطانيا لا تطبق سياسة انتقائية أو عنصرية ضد أي كان وأكرر تهنئتي للسيدة منى ولكل البريطانيين وكذلك للجالية الجزائرية على ما حققته منى في أقل من 4 سنوات من العمل السياسي داخل بريطانيا، وأتمنى أن نرى نماذج أخرى ناجحة خلال السنوات القادمة على نفس الخطوات المحققة من طرف السيدة حميطوش. ننتقل معكم لو سمحتم إلى واقع العلاقات الجزائرية- البريطانية في شقها السياسي، كيف تقيمون هذه العلاقات اليوم بعيدا على لغة المجاملات الدبلوماسية؟ أعتقد أولا أن التاريخ ولغة الأرقام تؤكد أن علاقات الجزائر مع بريطانيا تزيد عن 500 سنة، وهي فترة زمنية قد تكون أطول بالمقارنة حتى مع دول هي الأقرب للجزائر من بريطانيا من حيث المسافة أو بروابط أخرى، وكانت بريطانيا قد ارتأت وكما تعملون أن يكون لها قنصل ممثل في الجزائر يحوز على صلاحية تمثيل التاج البريطاني في العديد من دول شمال أفريقيا، وهذا منذ العام .1585 هذا من جانب التاريخ الذي يجمع البلدين وهو جزء صغير من مجموعة من الأحداث والاتفاقيات التي تجمع البلدان اللذان لهما أهمية جيواستراتيجية في العالم. وعودة لواقع العلاقات السياسية البريطانية- الجزائرية، أعتقد أننا قمنا بالكثير نحن من جانبنا كممثلين للمجموعة العاملين في السفارة البريطانية في الجزائر وكذلك يجب التنويه بمجهودات السفير الجزائري في بريطانيا السيد محمد الصالح دمبري منذ أن وصل إلى بريطانيا، فقد تمت في العام 2006 زيارة رئاسية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى قصر باكنغهام وتم استقباله من طرف الملكة إليزابيث الثانية وكذلك من طرف رئيس الوزارة البريطاني السابق توني بلير، وأعتقد أننا قمنا بأشياء مهمة في الفترة السابقة ما يزال أمامنا الكثير من أجل القيام به مستقبلا، وشدد أن العلاقات كانت موجودة كما الاتصالات، لكن ربما أصابها نوع من الركود تجاوزناه في هذه السنوات الأربعة الأخيرة حيث ما تم تحقيقه لم يحقق منذ عقود بيننا. أعتقد بأن الاتصالات جارية على المستوى السياسي بين الطرفين الجزائري والبريطاني وكذلك الشأن على المستوى الثقافي والتجاري وأملنا أن يتعاظم حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدةوالجزائر باعتبارهما دولتان كبيرتان... أنا متأكد أن ثمة الكثير من الفرص وفي شتى الميادين بين بلدينا، ولذلك علينا تكثيف الاتصالات حتى نصل إلى مرحلة تجسيد هذه المشاريع الكبرى، وأعتقد بأن هذه المهمة التي يجب أن يضطلع بها رجال الأعمال البريطانيين المهتمين بالسوق الجزائرية والفرص التي تمنحها الجزائر في هذا الإطار. من حديث السياسة إلى لغة المال والأعمال والمؤشرات والاستثمار، ما هو الرقم الجديد لحجم التبادل التجاري بين الجزائر وبريطانيا؟ التبادل التجاري بين البلدين يصل اليوم إلى 2 مليار جنيه إسترليني مع أفضلية بالنسبة للجزائر، وكما تعلمون فأغلب المبادلات تتعلق بالمحروقات والخدمات والصناعات البتروكيماوية وصناعة المواد وبضائع أخرى، وباعتقادي أن هذا الرقم ضئيل نظرا للإمكانيات والفرص المتواجدة بالجزائر وبريطانيا. في هذا الصدد لو تحدثتا على بعض ما تعتبرونه حواجز أو متطلبات لولوج مرن للاستثمار البريطاني إلى الجزائر، ماذا تقولون في هذا الإطار؟ بحكم السنوات التي قضيتها في الجزائر يمكنني الجزم أن الحاجز أو المشكل الكبير الذي يعترضنا ويعترض تطور أو قدوم الاستثمار البريطاني للجزائر هو نقص الاتصالات والمعلومات عند هذا الطرف أو ذاك، وباعتقادي أنه لو تم إيصال الصورة الحقيقية للفرص والمجالات التي تتيحها الجزائر في مجال التجارة والاستثمار أعتقد أنه لو تم ذلك فإننا سنشهد توافدا كبيرا لرجال الأعمال البريطانيين في السنوات القليلة القادمة وربما من الشهر القادم، ويجب أن لا ننسى أن الجزائر اليوم تحوى آلاف الورشات المفتوحة في البناء والسكن والمنشآت الفنية الكبرى والسدود واستكشاف النفط والغاز وغيرها من المشاريع التي بدأت الشركات البريطانية الشراكة فيها مع الجانب الجزائري، حيث تتواجد الشركة العملاقة ''بريتش بتروليوم'' منذ سنوات في الصحراء الجزائرية. هل تعتقدون أن دخول البنك البريطاني العالمي ''HSBC'' أتش أس بي سي'' وعودة الخطوط الجوية البريطانية ''برتيش آيروايز'' وتواجد عملاق الصناعات والاكتشافات البترولية ''بي بي'' في صحاري الجزائر سيسهم في دخول شركات أخرى في المستقبل القريب؟ في الحقيقة هذا أملنا، وهو ما نسعى إليه لكن دعني أوضح لكم وللقارئ أن هناك عشرات بل مئات المؤسسات البريطانية العاملة في الجزائر والكثير قد لا يعلم بحضور قرابة 200 مؤسسة -192- أو لا يعلم أنها بريطانية، وعن سؤالكم المتعلق بالاستثمار المباشر البريطاني في الجزائر للفترة القادمة أود الإشارة إلى أنه تم الانطلاق في إنجاز مصنع لمؤسسة ''بريتش أمريكن توباكو'' للتبغ، حيت تنوي الشركة تدشين هذا المصنع في ولاية وهران، وقد زرت هذه الأخيرة قبل أيام واطلعت على المشروع، كما أنني زرت مصنع الدواء التابع للمخبر البريطاني GSK والمتواجد بمدينة بودواو وهذه كلها مؤشرات على بداية تدحرج كرة الثلج بمعناها الايجابي من أجل شراكة جزائرية-بريطانية.. وبالنسبة لزيارة الوفود الوزارية والدبلوماسية بين البلدين هل ثمة جديد فيما يخص هذا الجانب؟ لقد تمت ثلاث زيارات من طرف 3 وزراء في الحكومة الجزائرية إلى لندن في الفترة السابقة، حيث زارها كل من الوزير الجزائري المنتدب والمكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية السيد عبد القادر مساهل بالإضافة إلى الوزير عبد الحميد تمار والوزير السابق للطاقة والمناجم شكيب خليل، وأعتقد أن هذا يدخل ضمن توطيد الاتصالات، ورفع مستوى تبادل وجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام والمتعلقة بتطوير التجارة والاستثمار وأيضا بحث المساهمة من أجل حل المشاكل الدولية باختلافها. في هذا الصدد أعتقد بأننا في إطار التحضير لزيارة سيقوم بها السيد وليم هينغ وزير خارجية بريطانيا إلى الجزائر قريبا، وأود الإشارة إلى أن الحكومة الائتلافية بزعامة حزب المحافظين لديها رغبة شديدة لإيلاء الاهتمام بمنطقة شمال أفريقيا على العموم والجزائر على وجه الخصوص، وهذا هو الرأي الذي خرجوا به في آخر اجتماعاتهم، إن آمالنا اليوم منصبة على أن تصل إلى التتويج بإنشاء المجلس البريطاني الجزائري الذي خططنا له في الفترة القادمة وأعتقد أننا سنصل إلى هذا الهدف قبل نهاية مهمتي بالجزائر. ما هي قراءتكم السياسية والاقتصادية للقوانين والإجراءات الحمائية ومنها قانون المالية التكميلي التي تبنتها الجزائر في الآونة الأخيرة؟ أعتقد أنه يحق لكل دولة اتخاذ إجراءات تدخل ضمن حقها السياسي، لكن في نفس الوقت يجب القول أن هناك صعوبات قد تواجهنا في إقناع العديد من رجال الأعمال في بريطانيا إزاء بعض الجوانب المتعلقة بقانون المالية التكميلي الذي جرى إقراره في صيف العام الماضي، ففي تلك الفترة لم نكن نعرف الكثير حول الإجراءات التي ستطبق على الشريك الأجنبي وكما تعلمون ''فالبزنس'' أو عالم المال والأعمال يتطلب الكثير من الشفافية والوضوح وأنا أكرر بأنني أتفهم الموقف الجزائري الذي يريد أن يقلص من حجم الاستيراد إلى أبعد الحدود، لا سيما في ظل انخفاض سعر النفط وكذلك جراء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث أدى ذلك إلى فقدان توازن ميزان التعاملات الخارجية المتعلقة بالاستيراد والتصدير. بالإضافة إلى هذا يجب أن نحث ونشجع المستثمرين البريطانيين على القدوم للجزائر لأن ثمة الكثير من الفرص والمجالات التي يمكن أن تعود على الأطراف بالنفع والفائدة. توشكون على إنهاء مهمتكم الدبلوماسية كسفير لبريطانيا وأيرلندا الشمالية في الجزائر ما هو تقييمكم للوضع الأمني بعد 4 سنوات من العمل فيها؟ الجزائر لم تعد ذلك البلد الذي كان ينظر إليه بنظرة الريبة والخوف وبنفس صورة سنوات التسعينات، فالحياة في الجزائر اليوم نشطة في مختلف المجالات والحياة طبيعية في أغلب ولايات الجزائر، حقيقة أنه ما تزال ثمة حوادث وربما حتى اغتيالات، لكن أعتقد بأنها معزولة وتهدف الاستعراض الإعلامي، وأنها لا تؤثر أو تشكل خطرا على منحى الحياة في الجزائر، وفي الحقيقة أن أتساءل اليوم بعد كل هذه السنوات ماذا يريد هؤلاء، فهؤلاء لا يحملون أي برنامج ولا هدف سياسي إلا مجرد تهديد للسلطات الجزائرية، وأغتنم هذه المناسبة لإبداء دعمنا لقوات الأمن الجزائرية في حربها ضد الخطر الذي يمسنا جميعا لأن هذه الظاهرة ليس لها دين أو محصورة في عنصر بشري، وأعتقد بأن بريطانيا تحرص كل الحرص على التفريق بين الإسلام والإرهاب ولكم أن تتجولوا في لندن وغيرها من مناطق المملكة لكي تروا المكانة التي يحظى بها الإسلام في بريطانيا. أود الإشارة أيضا إلى أننا نتشارك مع الجزائر في تكوين بعض من إطارات المصالح الأمنية والدرك، وقد مر العديد من الضباط الجزائريين على المدارس البريطانية حيث تلقوا تدريبات فائقة وعالية، وأعتقد أن ذلك يعد لبنة أخرى في مجال التعاون بين بريطانيا والجزائر. ما تزال قضية الملياردير الجزائري عبد المومن خليفة تسيل حبر الصحافة، وتحرك أروقة المحاكم هنا وهناك، برأيكم لماذا هذا التماطل في حل هذه المسألة في ظل شفافية القضاء البريطاني؟ هذه المسألة ما تزال في أروقة المحاكم البريطانية، وأعتقد وأتمنى أن تحل في القريب العاجل، أنا في الوقت الحالي ليس لدي أية معلومات للغوص في هذه القضية -أو الرد على سؤالكم إن قضية ما تزال مطروحة وكما تعلمون فهناك طعن قدم من طرف هيئة دفاع المتهم إلى المحكمة العليا ونحن في انتظار الحكم النهائي. ؟ الأكيد أن مشاكل التأشيرة الأوروبية والبريطانية على وجه التحديد ما تزال تلقي بضلالها على الرفع من مستوى العلاقات الجزائرية البريطانية، هل ثمة جديد في إطار تقليص مدة دراسة ملفات التأشيرات والرفع من نسبة الحاصلين عليها؟ لقد وقفت منذ وصولي على تحسين ظروف استقبال المواطن الجزائري الذي كان ينتقل إلى تونس من أجل الحصول على التأشيرة البريطانية، وقد تم افتتاح السفارة والقنصلية البريطانية الجديدة في الجزائر بعد أن تم إنجازها في ظرف وجيز، ودشنها الأمير أندرو نجل الملكة البريطانية والذي ترأس اللجنة المشتركة البريطانية-الجزائرية لدى اجتماعها في الجزائر، وأيضا تم تدشين وكالة world bridge والتي أوكلت لها مهمة استقبال الجزائريين واستلام طلباتهم للتأشيرة، حيث وفرت لهم أحسن الظروف في ذلك المركز مقارنة بالسنوات التي خلت، ويجب الإشارة إلى أن مدة دراسة ملفات التأشيرات قد قلصت في الآونة الأخيرة من 3 أسابيع إلى حوالي الأسبوع أو 15 يوم على أقصى تقدير، وأعتقد أنه يمكنكم المقارنة بين سنوات التسعينات واليوم في هذا المجال. سعادة السفير البريطاني السيد أندرسون في ختام هذا اللقاء معكم نود معرفة وجهة نظر الحكومة البريطانية الجديدة إزاء إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية، باعتبار المملكة المتحدة عضوا دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي، كما أنها تمثل واحدة من مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة من أجل حل الصراع؟ في الحقيقة بريطانيا تتابع هذا الموضوع باهتمام نتيجة انعكاساته على كل المنطقة المغاربية والأفريقية والبحر الأبيض المتوسط الذي تطل عليه بريطانيا عبر جبل طارق، ونحن نعتقد أنه وللأسف ما تزال الأطراف متباعدة في آرائها ولم نسجل أي تقدم بعد آخر جولات المفاوضات بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية التي دارت في الفترة السابقة من أجل التوصل إلى حل يفضي إلى إنهاء الصراع حول الصحراء الغربية. لكننا نؤكد بأننا في بريطانيا سنبقى مع حل يكفل للشعب الصحراوي الإدلاء برأيه ضمن استفتاء عادل وشفاف ودون أي ضغط، كما أننا نعمل ونشجع كل مجهود المبعوث الشخصي الأمين العام للأمم المتحدة السيد كريستوفر روس والذي نأمل في أن يضغط أكثر على الطرفين من أجل أن يناقشوا مجموعة الأفكار عبر جولات جديدة للمفاوضات من أجل وقف مسلسل المعاناة والمشاكل التي يفرزها الصراع في الصحراء الغربية منذ أزيد من 35 سنة، ولذلك فبريطانيا كعضو في مجلس الأمن الدولي وكعضو في مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون ترى بأنه يجب تسريع العمل ضمن هذا الاتجاه...