دخلت الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط التي تقودها فرنسا ومصر مرحلة الجد لإعادة إحياء هذا المشروع الذي لازال يراوح مكانه منذ العدوان الأخير على غزة نهاية عام ,2008 وذلك من خلال استغلال القضية الفلسطينية قبل أقل من شهرين من انعقاد قمته الثانية في مدينة برشلونة الإسبانية. وفي هذا الشأن، أعلنت أمس الرئاسة الفرنسية في بيان لها الرئيس نيكولا ساركوزي بحث مع الرئيس المصري حسني مبارك هاتفيا سبل دعم عملية السلام على ضوء زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الثلاثاء الماضي لباريس. وقال بيان قصر الاليزيه إن ساركوزي عرض على مبارك الاجتماع في باريس الشهر المقبل بهدف التحضير لقمة برشلونة للاتحاد من أجل المتوسط، خلال اجتماع سيدعى إليه أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية إلا أن ذلك يعتمد على استمرارية مفاوضات السلام الحالية عقب قرار إسرائيل استئناف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة. وكان الرئيس عباس صرح أمس أنه سينتظر مناقشات القمة العربية للقادة العرب المقرر انعقادها في الرابع من شهر أكتوبر المقبل قبل اتخاذ أي قرار بشأن مواصلة أو تعليق مفاوضات السلام. وتصب المبادرة الفرنسية فيما قامت به القاهرة خلال شهر سبتمبر الجاري، حينما التقى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط الأردني أحمد المساعدة، وأكد له دعم القاهرة للأمين العام باعتباره أول من يتولى هذا المنصب ومن ثم حجم الأعباء التي سيواجهها، آخذا في الاعتبار الأهمية التي تعلقها مصر على السكرتارية والتي ستعمل على تطوير التعاون الأورومتوسطى وتحقيق الأهداف التي سبق أن اتفق عليها قادة الدول المشاركة في قمة باريس. ومكنت القاهرة الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط من إجراء محادثات مع الأمين العام للجامعة العربية المصري عمرو موسى، تمحورت حول مستقبل العلاقات الثنائية والتعاون، ومعلوم في هذا الإطار أن الجامعة العربية توجد كعضو مراقب يحضر جميع اجتماعات الاتحاد من أجل المتوسط. وقال المساعدة للصحافيين عقب تلك المحادثات إنه اتفق مع موسى على تفعيل أدوات التعاون في المستقبل القريب بين الطرفين، أما في ما يتعلق برؤية الاتحاد من أجل المتوسط حول الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تعقد حاليا بمدينة شرم الشيخ، فبين أن التنظيم الذي ينتمي إليه يسعى إلى الهدف السياسي الرامي لتحقيق الاستقرار والسلام في حوض البحر المتوسط بالإضافة إلى تعزيز التقارب الاجتماعي والتكامل الاقتصادي. وأشار مساعدة أن ذلك يكون بالتركيز على جملة المشروعات الاقتصادية في حوض المتوسط وعملية التكامل الاجتماعي ''فهذا الجهد من شأنه أن يصب بمحصلته في دعم العملية السياسية والتقارب في المنطقة''. وحول إمكانية نجاح مسيرة الاتحاد من أجل المتوسط في ظل عدم إحراز تقدم على صعيد العملية السلمية بالشرق الأوسط، قال مساعدة إن الاتحاد من أجل المتوسط ''يركز على عملية التقارب الاجتماعي وتنفيذ المشاريع وبالتالي فإن هذا الجهد من شأنه أن يوظف مساحات ويبني الثقة بين جميع الأطراف بما يؤدي في المحصلة إلى تحقيق الأهداف المرتبطة بالمحاور الأخرى''. وكانت فرنسا ومصر قد اتفقتا ماي الماضي عقب تأجيل قمة الاتحاد من أجل المتوسط على بعث مفاوضات السلام في الأراضي المحتلة من بوابة هذا الاتحاد لمواجهة حالة الجمود التي يواجهها عقب الاعتداء الإسرائيلي على غزة، والتي اعتبرته عدة دول أنه غير منطقي، وفي مقدمتها الجزائر التي رأت أنه من غير المقبول اعتداء بلد عضو على آخر عضو كون ذلك يفقد أي محاولة للشراكة بين الدول الأعضاء. وكانت المشاورات التي أجراها الرئيس المصري حسنى مبارك مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس وزراء اسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو إلى الاتفاق على تأجيل قمة الاتحاد من أجل المتوسط التي كانت مقررة في 7 جوان الماضي ببرشلونة مقر الأمانة العامة للاتحاد، قصد ''ضمان أكبر قدر من النجاح لها وعلى أمل أن يكون هناك تقدم ملموس في المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط''، على حد تعبيرهم. ورغم هذه التبريرات، فإن العديد من المراقبين يرون أن سبب التأخير هو إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان عزمه المشاركة في قمة الاتحاد من أجل المتوسط على الرغم من معارضة دول عربية على حضوره وتهديدها بمقاطعة القمة، خاصة مصر بسبب تصريحات سابقة لليبرمان، قال فيها إن مبارك الذي يرفض زيارة إسرائيل ''يمكنه أن يذهب إلى الجحيم''، كما هدد في تصريح آخر بتوجيه ضربة للسد العالي في صعيد مصر. وتأسس الاتحاد من أجل المتوسط الذي تترأسه فرنسا ومصر، قبل عامين ويضم 43 دولة تمثل دول الاتحاد الأوروبي ,27 إضافة إلى تركيا وإسرائيل والدول العربية المطلة على البحر المتوسط.