قال المحلل والخبير الاقتصادي صالح موهوبي إن الجزائر لن تتأثر حاليا بتداعيات الأزمة المالية الراهنة التي هزت الاقتصاد العالمي ومنت البورصات العالمية بخسائر باهظة، على اعتبار أنها لا تمتلك منظومة اقتصادية قوية منخرطة في التعاملات المالية الدولية، مضيفا أن ضعف الاقتصاد الوطني وانطواءه على نفسه قد ساهم بشكل إيجابي في جعل الجزائر بمنأى عن الهزات العالمية التي ضربت العالم كنتيجة مباشرة لاشتداد أزمة الرهن العقاري الأمريكية. وأوضح موهوبي مساء أمس الأول خلال ندوة بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية حول أسباب الأزمة المالية الراهنة وانعكاساتها، أن تأثر الاقتصاد الوطني بتداعيات الأزمة المالية مرتبط بالدرجة الأولى بالتراجع الحاد في أسعار النفط لمستويات دون 70 دولارا للبرميل، وهو ما سينعكس سلبا على مستقبل المداخيل الوطنية من المحروقات، داعيا في الإطار ذاته إلى ضرورة التخلص التدريجي من ربط الاقتصاد الوطني بمداخيل الريع، وبناء اقتصاد متين قائم على المعايير العلمية والتقنية، تفاديا للتأثر الحاد بتقلبات سوق النفط الدولية. وأشار المتحدث إلى أن التراجع الحاد في سعر صرف الدولار مقابل سلات العملات الأخرى من شأنه أن يهدد الودائع المالية الوطنية بالبنوك المركزية الأمريكية، خصوصا في حالة ما إذا عمدت هذه البنوك إلى تقليص معدل الفائدة لمستويات دنيا، قد تساهم بشكل سلبي في فقدان التوظيفات المالية الوطنية لقيمتها الفعلية بالنظر إلى تراجع صرف العملة الأمريكية، مؤكدا أن التوجّه الحالي لتدعيم الاقتصاد خارج المحروقات والعمل على تنويع مصادر التعاملات الأجنبية، إضافة إلى أن العمل على مراقبة وحماية المنظومة المالية الوطنية، أضحى ضرورة قصوى تفرضها الأزمات المتعاقبة في النظام الدولي. وتوقّع المتحدث من جهة أخرى، إمكانية استمرار الخسائر التي تسببت فيها الأزمة المالية الدولية، على اعتبار أن ما يحدث حاليا ليس سوى الجزء المكشوف من الأزمة، وأن المستقبل سيحمل معه خسائر أكبر على اقتصاديات الدول الكبرى، بالرغم من المساعي الغربية لاحتواء أزمة السيولة العالمية، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستفقد زعامتها المالية على العالم كأحد النتائج الرئيسية للأزمة، مما يؤدي إلى التحول نحو التعددية القطبية اقتصاديا وماليا عقب انحسارها. وأرجع المتحدث السبب الرئيسي لانفجار الأزمة الراهنة إلى خلل في النظام الاقتصادي الرأسمالي، والمتعلق أساسا بعدم تدخل الدولة في تنظيم السوق، والغموض في تسيير المؤسسات المالية، فضلا عن غياب منظومة قانونية لحماية الاقتصاد العالمي.