عمدت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية والوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة الاستثمارات في إطار عصرنة قطاع النقل إلى كهربة السكك الحديدية عبر الخط الرابط بين العفرون والعاصمة وبين هذه الأخيرة والثنية، غير أن افتقاد الكثير من المواطنين للحس المدني أوقعهم في دوامة المخاوف والسقوط في سكة الضياع، فمع عملية الانطلاق التجريبي لأول قطار مكهرب عبر الخط الرابط بين الجزائر العاصمة والثنية شهر نوفمبر الفارط، حتى بدأت المخاوف تطبع يوميات مستخدمي خطوط النقل بالسكك الحديدية من جهة والعائلات القاطنة بمحاذاة المحطات من جهة أخرى، حسب مارصدناه. ومن خلال خرجتنا الميدانية التي قمنا بها حاولنا قدر الإمكان الإلمام بالإيجابيات والسلبيات التي تشكلها عملية كهربة خطوط السكك الحديدية كونها ستساهم لا محالة في التخفيف من حدة الضغط المروري الذي تشكو منه العاصمة والولايات المجاورة، هذا المشروع الذي دخل رسميا مرحلة التجريب الشهر الفارط عبر الخط الرابط بين الجزائر العاصمة والثنية، في انتظار الخط الثاني الرابط بين العاصمة والعفرون بالبليدة، وبغية تسليط الضوء أكثر على الموضوع، اقتربنا من مستعملي هذه الخطوط من جهة ومن العائلات المحاذية لهذه المواقع والمحطات من جهة أخرى باعتبارها المتضرر الأول من هذه العملية حسبهم ، وكان لنا ما أردنا حينما توجهنا إلى معظم العائلات القاطنة سواء بطريقة فوضوية أو قانونية بكل من البلديات التالية: حسين داي، واد السمار، الرويبة والرغاية، حيث نددت جل العائلات بخطر الموت الذي يتربصها لاسيما وأن الوزارة الوصية والمؤسسات المشرفة على المشروع، لم تقم بإشراك جمعيات ومؤسسات أخرى للقيام بحملات تحسيسية بالقدر الكافي لتفادي وقوع حوادث وخيمة. قاطنو البيوت المحاذية للسكك .. ''نحن أولى المتضررين'' كشفت العائلات القاطنة بمحاذاة محطات السكك الحديدية، عن تخوفها الشديد من العملية التي أقدمت عليها الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تحت وصاية سلطات عمارتو وزير النقل، في كهربة خطوط السكك الحديدية دون أدنى مراعاة لحجم الضرر الذي قد يطال حياتهم ولاسيما حياة أولادهم الصغار، الذين لا يقدرون حجم الخطر المتربص بهم سيما وأن العديد منهم يضطرون إلى قطع خطوط السكة من أجل الالتحاق بمقاعد الدراسة، كما هو الوضع بمحطتي الرويبة والحراش، وكذا محطة جسر قسنطينة، هذه الأخيرة التي سبق لها وأن حصدت العديد من الأرواح البشرية كما لايخفى عن الجميع، إلى جانب هذا فقد أعرب لنا معظم المارة عبر الممر العلوي الذي يعبر محطة الحراش، عن تخوفهم الكبير من الطريقة التي وضعت بها الأسلاك، حيث ألصقت بسياج الممر العلوي، ما قد يهدد المجبرين على المرور فوقه. وعلى الرغم من شروع الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية إلى جانب الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة الاستثمار في الآونة الأخيرة، في عملية إلصاق عدد من المطويات عبر جل المحطات التي ستمسها عملية الكهربة انطلاقا من محطة الجزائر إلى غاية محطة الثنية، وذلك لتحذير المواطنين من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن الاقتراب من الخطوط المكهربة أو من محطات التموين بالكهرباء أو تسلق الأعمدة الكهربائية أو اللعب والسير بالقرب من هاته الخطوط الكهربائية أومن إلقاء الملابس المبللة على الأسلاك الكهربائية أو رمي الماء، إلا أن ذلك لا يزال غير كاف في نظر الكثير ممن تحدثت إليهم '' الحوار''، لاسيما القاطنين بمحاذاة هذه المحطات كون الحملة التي باشرتها المصالح المعنية لم تكن فعالة بأتم معنى الكلمة، ولم يتم إشراك فيها جميع المؤسسات كجمعيات المجتمع المدني والبلديات والسلطات المحلية وبالأخص المؤسسات التربوية لعدم الوعي الكافي لدى التلاميذ بخطورة الوضع من جهة وتعنت البعض الآخر من المواطنين كالتحلي ببعض الصفات والتصرفات المخالفة لما تنص عليه حيثيات برنامج القطار المكهرب. عصرنة وتطور مقابل المزيد من الوعي المدني لدى المواطنين في سياق ذي صلة صرح جل مستخدمي السكك الحديدية عبر الخط الرابط بين الجزائر العاصمة والثنية، أثناء لقائنا بهم ونحن بصدد القيام بهذا الروبرتاج، عن القلق والاستياء الذي ينتابهم كلما تذكروا أن شبح الموت يلاحقهم ويطاردهم كلما توجهوا إلى محطات النقل بالسكك الحديدية، لا لسبب سوى أن الخطوط هذه المرة ستكون مكهربة، ما يعني أن احتمال الرحيل عن هذه الدنيا أو الإصابة بعاهة مستديمة وارد جدا في هذه الحالة، حسب تصريحات مستعملي خطوط النقل بالسكك الحديدية، حيث أكدت ''وفاء'' إحدى المترددات على محطة السكة الحديدية ببلدية الرغاية ''الخوف من احتمال الموت بشرارة كهربائية بدأ ينتابني منذ شروع الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية في إلصاق المطويات الحاملة لشعار ''احذروا خطر الموت''، ما يعني حسبها وحسب آخرين أن الموت يترصد حياتهم في كل وقت، وكلما توجهوا لمحطات النقل بالسكك الحديدية أوكلما اقتربوا من هذه الخطوط سواء أثناء زيارتهم لأحد أقاربهم القاطنين بهذه السكنات المجاورة المحاذية للخطوط أو من رمي أي مواد سائلة في لحظة نسيان وسهو. وفي انتظار التدخل الجدي للمصالح المسؤولة، من أجل اتخاذ إجراءات فعالة تحول دون خسائر في الأرواح البشرية، تبقى التخوفات سيدة الموقف على الرغم من أن كهربة خطوط السكة خطوة تندرج ضمن إطار تحديث النقل عبر السكك الحديدية. نقص التوعية وغياب الحس المدني كفيلان بزرع الرعب والمخاوف على الرغم من أن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة النقل فيما يخص عصرنة قطاع النقل بالسكك الحديدية بواسطة كهربة الخطوط، والتي تعتبرخطوة جد إيجابية تدخل في إطار عصرنة وتحديث القطاع، غير أن ذلك لا يعتبر عند الكثير من المواطنين لاسيما القاطنين بجوار المحطات بالشيء الإيجابي الذي ينظر له من زاوية التقدم والعصرنة، لا لشيء سوى أن الخطر الذي قد يلحقهم بسبب نقص التوعية بالمخاطر والدعاية الإعلامية من شأنهما القضاء على استقرارهم العائلي وسط هذه التجمعات السكانية، وحسب من تحدثت إليهم '' الحوار'' من مستعملي الخطوط والسكان المجاورين وحتى فئات أخرى من المجتمع ذات سلطة ونفوذ، فإن عدد ضحايا حوادث القطار سيتضاعف مع انطلاق القطارات المكهربة، وذلك بسبب التصرفات اللامسؤولة التي يقدم عليها البعض الذين لا يلتزمون بالشروط التي تمنع عنهم الخطر وهم داخل المحطات، حيث كثيرا ما يلجأ بعض الأشخاص وخاصة المراهقون منهم إلى اللعب أو اللهو داخل عربات القطار والصعود والنزول منه سيرا على حواف السكة، ما يجعلهم يدفعون حياتهم ثمنا لذلك، دون الحديث عن المسافرين الذين يقومون باختصار الطريق من أجل الذهاب إلى الضفة المقابلة للسكة عن طريق المرور عبر خطوطها وهو ما يفسر غياب الحس المدني، وكذا نقص عمليات التوعية والدعاية الإعلامية وحملات التحسيس على مستوى مراكز التعليم وجمعيات المجتمع المدني. السرعة الفائقة، الراحة، الرفاهية .. ميزات القطار المكهرب أثناء قيامنا بهذا الروبرتاج سجلنا بعض الارتياح وسط المسافرين والمواطنين خصوصا منهم أولئك الذين ستعود عليهم كهربة القطار الحديدي بالكثير من الإيجاب، كونه يتميز بالسرعة الفائقة التي ستقضي على جل مشاكل التأخر أو التغيب عن العمل أو الدراسة لديهم، البعض بقي متخوفا من أن تتعرض حياتهم إلى مخاطر الموت أوحوادث وخيمة كالإعاقات التي هم في غنى عنها حسب ما جاء على لسان عينة ممن تحدثنا إليهم ومقابل ذلك فقد عجزنا عن الاتصال بأي مسؤول بالشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية أو المؤسسات الأخرى المشرفة على المشروع كالوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة الاستثمار، بغية طمأنة المواطنين والحد من المخاوف التي تنتابهم بين الحين والآخر. الجدير بالذكر أنه من المنتظر أن يدخل القطار الجديد المكهرب حيّز الاستغلال رسميا في شهر فيفري القادم وذلك بضاحية الجزائر عبر الخط الرابط بين الجزائر الثنية، في انتظار استكمال المشروع عبر الجهة الغربية باتجاه العفرون بالبليدة وأهم مميزات القطار الجديد هي السرعة الفائقة واختصاره لعامل الزمن، حيث يمكن للمسافر أن يصل إلى مقصده في ظرف قياسي عكس القطار الحالي الذي يستغرق وقتا أطول إلى جانب الرفاهية والراحة التي يتميز بها، حسب تصريحات سابقة لمسؤولي الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية. وبهذا الخصوص وبين عصرنة قطاع النقل بواسطة كهربة خطوط السكك الحديدية وقلة الوعي لدى المواطن الجزائري، وجد هذا الأخير نفسه في دائرة الخطر وفي قلق وحيرة دائمين على مصير حياتهم وحياة أطفالهم.