يفضح لنا واقع الحال وكذا التقارير الميدانية المنجزة من قبل خبراء الجزائر الواقع المزري لقطاع الصحة الذي يعرف أزمة كارثية خصوصا قسم التوليد حيث يتم تسجيل عدد لا يستهان به من الوفيات في صفوف الحوامل بسب إهمال الطواقم الطبية ونقص الخدمات في المستشفيات الجزائرية و نسجل كذلك تدهورا في الرعاية الإنسانية بالأمهات بعد الإنجاب و لم تستطع السلطات المحسوبة على القطاع إيجاد منفذ لفك كواليس المخيفة في المستشفيات، الى غاية اليوم بإصدار تعليمة تقضي بالتصريح الإجباري بالوفايات و أسبابها ما سيساهم في تقليل معانات الحوامل في مستشفيات و العيادات الجزائرية، في انتظار تحسين باقي خدماتها الاستشفائية.وجّهت وزارة الصّحة والسكان وإصلاح المستشفيات تعليمة جديدة، تلزم كافة مديري المستشفيات، ومؤسسات الصحة العمومية والخاصة بالتصريح الإجباري عن وفيات الأمهات.حسب التعليمة رقم 89، أصدر عبد العزيز زياري، قرارا جديدا يقضي بالتصريح الإجباري عن وفيات الأمهات، حيث يتعين على الطبيب مهما كان نظام ومكان ممارسته، التصريح الفوري عن كل وفاة أيا كانت الظروف سواء خلال الحمل، خلال المخاض أو الولادة، بعد الولادة مباشرة، خلال 42 يوما الموالية للإجهاض، و42 يوما الموالية للولادة.وحسب القرار، فإنه يجب التصريح بوفاة الأم حسب الاستمارة المعدة لهذا الغرض، والتي تتضمن البيانات الخاصة بالأم، مع تحديد مكان الوفاة، تحديد تاريخ وساعة الاستشفاء، وتاريخ وساعة الوفاة، فضلا عن الأسباب التي أدت إليها، وحددتها الوزارة في النزيف الذي يعقب الولادة، نزيف آخر ناجم عن الإجهاض، انفصال المشيمة، تمزق الرحم، تعرض الحامل إلى مضاعفات ارتفاع ضغط الدم الحملي. ومن بين الأسباب التي حددتها الوزارة تسمم الدم النفاسي، معاناة الحامل من أمراض القلب، أو أسباب أخرى للوفاة يجب تحديدها. وحسب القرار يجب أن ترسل استمارة التصريح الإجباري بوفيات الأمهات المملوءة، والموقعة من قبل الطبيب الذي عاين الوفاة، إلى مديرية الصحة والسكان للولاية في أجل لا يتجاوز مدة 48 ساعة.كما يتعين على مدير الصحة للولاية مسك سجل وفيات الأمهات مرقما ومؤشرا عليه، يُدوّن فيه كل المعلومات المتعلقة بوفيات الأمهات المسجلة في استمارة التصريح الإجباري، على أن يتم إرسالها إلى المصالح المختصة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في أجل 48 ساعة.ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تعوض استمارة التصريح الإجباري بوفيات الأمهات الشهادة الطبية لمعاينة الوفاة المنصوص عليها في التنظيم المعمول به، على أن يتم تطبيق عقوبات صارمة بعدم التصريح بالوفيات في حق كل المخالفين.ويأتي قرار وزير الصحة عبد العزيز زياري، بالنظر إلى التزايد الكبير في وفيات الأمهات التي لم يتم تحديد الأسباب التي تقف وراءها، حيث تعمد العديد من المستشفيات إلى عدم التصريح بها، خاصة تلك التي تخص الوفيات الناجمة عن النزيف، والذي يقف وراء تعرض المرأة إليه إهمال الطاقم الطبي بالدرجة الأولى.ومن بين الأسباب التى دفعت الوزارة إلى اتخاذ قرار التصريح الإجباري للوفاة، هو قيام العديد من المؤسسات العمومية والخاصة بالتنصل من المسؤولية، وعدم التصريح بوفيات الحوامل، بسبب سوء التغطية الطبية، والاكتفاء بإصدار شهادة وفاة فقط، كما كان الحال في عيادة صبيحي تسعديت بتيزي وزو، حيث توفيت 5 حوامل في شهر واحد، في ظروف غامضة، دفعت زياري إلى إرسال لجنة تحقيق لكشفها. حوامل يمتن بسبب إهمال الطاقم الطبي بين الحين والآخر تخرج الدراسات الميدانية الإكلينيكية المتعلقة بالجانب الصحي بالجزائر بأرقام مهولة، و التي تطرح أكثر من تساؤل عن مصير مستشفيات البلاد حيث تتزايد يوما بعد آخر نسب وفيات النساء الحوامل أثناء الوضع، في غياب أبسط الشروط السليمة، في مقابل كل ذلك عجزت المصالح الصحية بالبلاد عن وضع حد لنزيف يحصد أرواح النساء الحوامل بشكل مهول، كما يهدد حياة العديد من المقبلات على تجربة الحمل والإنجاب، فتشير الأرقام الرسمية المعنية بالصحة الإنجابية بالجزائر، والتي تدخل في إطارها ظروف التطبيب، والولادة الطبيعية والقيصرية، ومراقبة الحمل، وصحة الأم والجنين، هول الخصاص الطبي في هذا المجال، بالشكل الذي يعكس حجم معاناة الكثير من النساء مع تجربة الولادة الصعبة، بما تختزنه من آلام ومعاناة تغيب معها أبسط ظروف التطبيب لضمان سلامة الأم والجنين، وصحتهما في بعض الأحيان، حيث تفوق النسب والأرقام ببلدنا جميع الأرقام المسجلة في بلدان تجمعنا معها نفس الخواص، وحسب إحصائيات وزارة الصحة، فإن 97 امرأة حامل من أصل 100 ألف حالة، تلقى مصرعها خلال 40 يوما التي تلي عملية الولادة، بسبب نوعية الخدمات المقدمة على مستوى المؤسسات الصحية، التي لا تعمد إلى التكفل بشكل متواصل بالمرأة الحامل أثناء عملية التوليد وبعدها، والتي تستدعي المراقبة المستمرة للأم خلال تلك المدة، وهو الأمر الذي يفضي إلى وقوع تعقيدات صحية، إذ تأتي في مقدمة العوامل المؤدية إلى وفيات الحوامل عند الوضع النزيف الدموي الحاد. قابلات بساعات اليد والخواتم في قاعات التوليد اعترف المشاركون في آخر ندوة تحسيسية حول القابلات، و التي عقدت في مدينة بجاية، بأن عدد القابلات في تناقص مستمر وحالات وفيات الحوامل والمواليد في تصاعد مستمر، بسبب غياب سياسة واضحة لتحديد وتنظيم النسل والتكفل بالمرضى وتفشي الإهمال واللامبالاة في المستشفيات وعيادات التوليد وغياب الضمير المهني لدى بعض القابلات، عبّر المشاركون عن تخوفهم من الوصول إلى مرحلة انقراض هذه الفئة -القابلات- رغم حاجة المجتمع إلى خدماتها، واستغلت الكثير من محترفات المهنة النبيلة مناسبة هذه الندوة للدعوة إلى وضع حد للولادات المنزلية.وحسب القابلات التي مارست المهنة لأكثر من 40 سنة، فإن النزيف بعد الولادة هو أخطر وأخبث مرض تواجهه المرأة الحامل، لأنه كثيرا ما يحوّل أفراح العائلات إلى أتراح، ويظهر خلال الساعتين الأوليين للولادة وخطورته تتواصل لمدة 24 ساعة، وهو ما يتطلب ضمان المراقبة المقربة جدا للمرأة الحامل لمدة أسبوع كامل، وهو ما لا تفعله القابلات المتواجدات في عيادات الأمومة والتوليد بسبب نقص عددهن وغياب الضمير المهني عند أخريات، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع عدد حالات الوفاة. وترجع الكثير من القابلات سبب ظهور المرض إلى انعدام التوازن بين الهرمونات كأن تكون زيادة في نسبة هرمون الأستروجين أو عدم توفر هرمون البروجيستيرون بنسبة كافية. ويصيب المرض بنسبة كبيرة النساء الحوامل اللواتي تجاوز عمرهن 35 سنة، وكلما ارتفع السن ارتفع حجم الخطورة، ويجمع الأطباء الى أن عدم احترام الإجراءات الوقائية في المستشفيات وعيادات الأمومة والتوليد، وراء الارتفاع المذهل لحالات وفيات النساء الحوامل والمولودين، وحمّل المسؤولية لمختلف الأطراف، منها المستشفيات نفسها التي تقتني تجهيزات بالملايير وتخصص ميزانية تقدر بالدنانير لاقتناء مواد التنظيف الضرورية جدا لضمان الولادة السليمة. كما لم ينس المتحدث، في انتقاده، القابلات اللواتي لا يحترمن الإجراءات الوقائية مثل غسل الأيدي والتجرد من الحلي، مثل الخواتم و الساعات التي سماها "ناقلات الجراثيم".