رغم أن مصير الموت واحد إلا أن أسبابه متعددة ،فالاستعمال الخاطئ لغاز البوتان واحد من هذه الأسباب حيث تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى مجرم يحصد العديد من الأرواح رغم حملات التوعية و التحسيس التي تنظمها مؤسسة سونلغاز،فهو ملاذ العائلات ميسورة الحال لتوفير أموالهم و لكنهم في المقابل يخسرون حياتهم و هم في حالة من الغفلة عن مدى خطورة هذا الغاز السام عليهم ، لتوفير الدفء لأجسادهم بعدما لسع البرد أجسادهم خصوصا في فصل الشّتاء الذي بات يشهد اختناقات متكررة . مع مطلع فصل الشتاء يبدأ المواطن رحلة بحث ليوفر الاحتماء و الدفء في بيته أو مكان عمله ليجابه القرّ و البرد،هذا الأخير الذي يلسع أجسام الأشخاص الذين يفتقرون إلى وسائل التدفئة خاصة ذوي الدخل المحدود ،حيث أضحت قارورات غاز البوتان رغم مخاطرها ملاذهم الوحيد لصدّ ذلك البرد متجنبا الوسائل الكهربائية التي يصدر عنها فاتورات أموال باهظة ،فأضحوا يشترون الموت بأموالهم،هي الظاهرة التي سلّطت عليها الضوء يومية "الاتحاد" و توقفت بلغة الأرقام المخيفة و المرعبة لضحايا الاختناقات الغازية. عندما تتحول النعمة إلى نقمة؟ كثيرا ما تتحول نعمة الغاز إلى نقمة خاصة في فصل الشتاء ،فمعظم العائلات الجزائرية تستنجد بغاز البوتان لتدفئة بيوتها،إلا أنه غالبا ما ينقلب هذا الدفء إلى سبب لوضع حد لحياة أحد من أفرادها،و في هذا الصدد تقول السيدة "فاطمة الزهراء" أنها في العام الماضي حدث تسرب غازي في بيت إحدى قريباتها بمنطقة تيزي وزو ،أودى بحياة جميع أفراد عائلتها بما فيهم ابنها الذي كان يفترض أن يقيم عرسه بعد أسبوع من موعد وفاته،الحادثة التي أدخلت سكان كل المنطقة في هول و أدخل في قلوبهم الرّعب ،و ليس بعيد عنها تروي "نصيرة" حكاية ابنة أختها التي أدخلت فرن غاز البوتان إلى غرفة الحمام لتدفئتها،و لتستحمّ في ظروف حسنة،إلا أن الغاز لم يوفر لها ظروف ملائمة بل أصيبت باختناق أودى بحياتها و هي عروس في عامها الأول و حامل في شهرها السادس،فهكذا أصبح المواطنون يشترون الموت بأموالهم. و لأنه قاتل صامت.. و في حالة من الصّمت دائما يواصل غاز البوتان حصد عدد من الأبرياء صغارا و كبارا ،لا ذنب لهم سوى أنهم التجئوا إليه لتدفئة أجسادهم أو استعملوه كوسيلة لتحضير وجباتهم الغذائية،هي حالة الخالة "مليكة" القاطنة في إحدى ضواحي العاصمة ،التي استعانت بفرن يعتمد على غاز البوتان"الكوشة"، لطبخ الخبز في بيتها الذي يطلق عليه في عاميتنا ب"المطلوع"،و في تلك الأثناء اندلع لهيب من النار لم تستطع إخماده جراء تسرب للغاز لم تشعر به،اللهيب الذي سبب لها تشوه في وجهها و بمختلف أعضاء جسمها دفعها للمكوث بالمستشفى لمدة أسبوع كاملة،ليس هذا فحسب بل أودى بوفاة ابنها "فيصل" البالغ من العمر ثلاث سنوات،هذا الأخير لم يكن ذنبه إلا أنه اختار اللعب بجانب أمه،هي حوادث كثيرة و آثارها على الفرد بليغة يتجدد موعدها خاصة في فصل الشتاء فصل القر و البرد. برناوي :"غياب الثقافة التوعوية سبب في الاختناقات بالدرجة الأولى" أكد المكلف بالإعلام على مستوى الحماية المدنية نسيم برناوي في اتصال مع يومية "الاتحاد" أن غياب الثقافة التوعوية لدى المواطنين هي السبب في حدوث تلك الاختناقات بالدرجة الأولى،إلى جانب الاستعمال الغير السليم لوسائل التدفئة ووسائل الربط التي تعمل على الزيادة في عدد ضحايا الاختناق بالغاز،بالإضافة إلى عدم توفر التّهوية في أماكن تواجد وسائل التدفئة بالمنازل،و كذلك الانتشار الواسع للوسائل المقلدة و المستوردة التي تفتقد إلى جميع شروط الوقاية أما عن الحصيلة التي سجلتها مصالح الحماية المدنية خلال الفترة الممتدة بين الفاتح من جانفي إلى غاية شهر أكتوبر المنقضي، فقد قدرت حسب تصريح برناوي 5 اختناقات بفعل الغاز سواء الطبيعي أو غاز البوتان، و كذا غاز أوكسيد الكربون، فيما بلغت عدد التدخلات 121 تدخل ترتب عنها إسعاف ،و 174 شخص كانوا عرضة للاختناقات تم إسعافهم من الموت الأكيد، أما فيما يخص شهر أكتوبر فقد سجلت مصالح الحماية المدية يضيف برناوي 55 وفاة ،فيما بلغت عدد التدخلات 577 تدخل،فيما بلغت الحصيلة خلال شهر ديسمبر 7 وفيات و تم إسعاف 137 شخص من الموت، و لأن الوقاية خير من العلاج يوصي برناوي بتهوية المنازل قبل حدوث كوارث و اختناقات،و في حال حدوث تسرب غازي ينصح نسيم برناوي بالخروج من الغرفة مباشرة دون إحداث شرارة كهربائية،و بعدها الاتصال بمصالح الحماية المدنية التي ستتخذ الإجراءات اللازمة ،فيما أشار ذات المتحدث إلى عوارض الاختناق بالغاز و التي تكون بحدوث صداع و إصابة الشخص بالتقيؤ و الغثيان. غياب غاز المدينة وتقاعس السلطات المحلية يفاقم الوضع