بات إغفال الثقافة في برامج السياسيين المترشحين للرئاسيات في الجزائر، أو ترتيبها ضمن الهواجس الثانوية على الأقل، ظاهرة تثير قلق الوجوه والهيئات الثقافية عند كل استحقاق رئاسي، وكان ذلك وراء البيان الذي أصدرته الجمعية الثقافية الجاحظية والجمعية الجزائرية للأدب الشعبي وجمعية الكلمة للثقافة والإعلام وجمعية نوافذ ثقافية.واستنكرت هذه الجمعيات ما أسمته تجاهلا للثقافة وهموم المثقفين في برامج المترشحين الستة للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 17 أفريل الجاري،وأشار البيان إلى الوضع غير المريح الذي يحياه المثقفون والفنانون في الجزائر، والذي يعيق عملية الإبداع، ويثير الأسئلة بخصوص غياب قانون خاص بالفنان يحفظ له كرامته وحقوقه، ولم تنف الجمعيات الثقافية في بيانها جملة الإنجازات المحققة في الحقل الثقافي، ومنها توفير المرافق الثقافية، إلا أنه ما زال عاجزا عن تحقيق قفزة نوعية تنتقل به إلى صناعة وعي ثقافي جديد، ودعت المترشحين الستة إلى مراجعة السياسة الثقافية التي لا يجب أن تقتصر على النشاطات المناسباتية.ويرى الكاتب أحمد الدلباني أن خلو البرامج المترشحة للرئاسة في الجزائر من الهموم الثقافية يدل على أن مفهوم الثقافة عند الساسة الجزائريين يعني الترف والكرنفالية أو التذكير بالهوية والفولكلور في أحسن الأحوال، أما الثقافة باعتبارها فعلا يرتبط بالوعي والتغيير والاستنارة فهي أمر يثير توجسهم، ولفت الدلباني الانتباه إلى أن الثقافة ليست برنامجا سياسيا، وإنما هي شأن المثقفين والمجتمع المدنيودعا صاحب كتاب رجل المتاهة إلى توفير المناخ المناسب لازدهار الثقافة بتعزيز عمل المؤسسات الضامنة لحرية التعبير والتفكير والمبادرة، لأن السياسة -بحسبه- يجب أن ترتكز على رؤية ثقافية تؤمن بالبناء المؤسساتي الذي يتيح ازدهار الفعل الثقافي خارج إرادة التنميط والتدجين، ومن جهته قال عبد القادر ضيف الله عن دور المثقف الجزائري في تغيير هذا الواقع لصالحه، إن البيئة أصلا لا تساعد على ذلك، فهي لم تضمّ يوما المطالب الثقافية إلى جملة مطالبها الاستهلاكية، وتشترك مع السلطة في النظر إلى الفعل الثقافي نظرة قاصرة، وقال صاحب رواية "تنزروفت" إن تغييب المسألة الثقافية عن البرامج المقترحة هو تغييب لمسائل جوهرية من شأنها أن ترهن مستقبل المكان والإنسان.