تكون الشخصية شيئا فشيئا منذ أن يكون الإنسان جنينا في بطن أمه حتى تصل إلى سن الثامنة عشر، حيث أن هذا السن يعد بمثابة نقطة التكوين الحقيقية لشخصية الإنسان، حيث تظهر معالمها كاملة وتبرز مختلف صفاتها وسماتها الحقيقية وعلى ما يقال:" يبان خيره من شره". فكل منا يمتلك شخصية خاصة به ويسعى إلى تحسينها وتطويرها لتصير أكثر جاذبية تثير الإعجاب والمودة، وأن تمتلك شخصية جذابة يعني أن تكون أكثر نجاحا في حياتك الاجتماعية، العائلية والعملية، وامتلاك شخصية جذابة يعني أن يكون المرء أكثر تأثيرا على الآخرين بجاذبيته وكلامه ومظهره الباهر للنظر فيكسب مودتهم وإعجابهم وبالتالي يستطيع أسر قلوبهم بل بإمكانه التأثير حتى على أعدائه.في الحياة لا بد وأن صادفنا الكثير من الناس ممن يمتلكون شخصية مختلفة تركت انطباعاتها علينا منها الخجول، الاجتماعي، الحساس، وذو الشخصية الجذابة أو بما يسمي "الشخصية الكاريزمية" فلمسنا سحرهم الذي يجعلنا لا نريد فراقهم ونرغب في تمضية المزيد من الوقت معهم، مما يجعل فرصتهم في تحقيق النجاح في الحياة ترتفع. فالشخصية الكاريزمية تمتلك سحرا عجيبا في أسر القلوب وجعل الأمور تميل لصالحها.والكاريزما بمعنى جاذبية شخصية هي إحدى السمات الشخصية التي تحظى بتقدير عال لدينا، و هي الروح التي تبعث الطاقة العاطفية المؤثرة في الناس على المستوى الفكري أو الحسي أو الانفعالي بواسطة ( التواصل البصري، نبرة الصوت ودرجته، المهارة الخطابية الملامسة لحاجة الناس، الهيئة ولغة الجسد والحالة التي تسود الجو العام.والكاريزما كلمة في أصلها اليوناني تعني الهدية أو التفضيل الإلهي، فهي تشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص..هي القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا، سلطة فوق العادة، سحر شخصي شخصية تثير الولاء والحماس.. و قد حاول البعض ترجمها إلى “سحر الشخصية”، أو “قوة الشخصية” أو غيرها..الاتحاد غاصت في عمق الشخصية الكاريزمية وطرحت أسئلة حولها فهل نولد بها، أم أننا تستطيع تعلمها؟ وهل التقينا في حياتنا بشخص يخطف أنظار الجميع لحظة دخوله إلى مكان معين؟ هل وجدت نفسنا تراقبه بتمعن؟ هل شعرنا وكأننا نعرفه من قبل وأننا متفقون معه في كل ما يقول؟ ترى ما هو سر " الكاريزما " التي يتمتع بها هذا الشخص؟ آو ماهي الكاريزما أولا؟! وكانت حوصلتنا الحوار الذي أتينا به..قصدت الاتحاد عيادة الدكتور شهاب لوناس بروفيسور في علم النفس وكان معه الحوار الآتي: من هو الكاريزمي؟ الكاريزمي هو شخص وجد ليبقى في الذاكرة لا ينسى أبدا،سواء أحببناه أم كرهناه، قدراته إن أحسن استغلالها، هائلة لا حدود لها أبرزها السيطرة على المجتمعات بل وعلى شعوب بأكملها عندما تقابله، يجذبنا منذ أول وهلة و يسيطر على عقولنا ومشاعرنا، يقيدك ونكون سعداء ومقتنعين جدا بهذه القيود.. لا كاريزما بدون جمهور هل هو ساحر؟ بالطبع ساحر لكن من نوع خاص،يسحر الشعوب، فتحبه وتعشقه فتغمض عيونها وتتبعه حتى وان ألقاها في هاوية ودمرها " كما فعل هتلر" أو قد يوصلها لبر الآمان و يسعدها.. وأيضا الكاريزمي اجتماعي جدا نشيط، حماسي، سريع البديهة،محبوب، مثقف، طموح، يعشق التحدي، والتغيير لا يقف أمامه شيء، صاحب موقف وفكر معين، واثق من نفسه بالطبع.. قادر على الإقناع، فيصبح من حوله أكثر حماس بالفكرة حماس قد يصل للجنون فلا كاريزما بدون جمهور. ما العوامل التي تجعل بعض الأشخاص ذوي شخصية كاريزمية دون غيرهم؟ قد يكون للجينات دور في هذا، فقد درس ناثان فوكس، الباحث في مجال التنمية الاجتماعية بجامعة ماريلاند في كوليدج بارك، الأداء الاجتماعي للأطفال الصغار ووجد أن بعض الأطفال يمكن تصنيفهم على أنهم منبسطون اجتماعيا من عمر مبكر يبلغ 4 أشهر، حيث يتفاعلون مع البالغين ومع أقرانهم ويتسمون عامة بمزاج مرح («ديفيلوبمنت سايكولوجي»، وفرص هؤلاء الأطفال أكبر في أن يكبروا ليصبحوا أصحاب شخصيات كاريزمية، ولكنهم يحتاجون إلى سمات أخرى أيضا. مشيرا إلى أن هذا يظهر غالبا أثناء مرحلة الطفولة المتوسطة ويكون نتاجا للمزاج الفطري وظروف الطفل وبيئته. مميزاته داخلية الآخرون يستمدون القوة منه ماهي الوصفات التي يشترك بها الكارزميين؟ وهل تقتصر الكاريزما على القياديين؟ هنالك صفات خارجية يشترك بها كل الكاريزميين فقد نجد أن منهم صاحب الصوت الهادئ و نجد منهم الصاخب جدا صاحب الصوت الجهوري مثل الهواري بومدين أو الرئيس الأمريكي جون كنيدى لما لهما من جاذبية وثقة بالنفس وذكاء الخطابة، منهم قوي البنية ومنهم ضعيف البنية قد يكون جميل جدا أو اقل جمالا، طويل أو قصير، فالكاريزما صفة تنبع من الداخل وليست صفة خارجية فمميزاته داخلية، مما يضفي عليه جاذبيه خاصة، وروعة منفردة، والشيء الرائع في الكاريزما أنها تجعل الكاريزمي قوي بدون أن تضعف الآخرين لأنه يستمد قوته من ذاته من داخله لا بسلب قوة الآخرين، ولا يعنى هذا أن الشخص صاحب الكاريزما يجب أن يكون قياديا أو مشهورا أو ذا منصب معين، بالعكس فيمكن لصاحب تلك الشخصية أن يكون إنسانا عاديا من العامة لكن له من الصفات ما تميزه وتجذب إليه الآخرين.. هل تعتبر علما كباقي العلوم؟ العلوم التي تدرس الشخصية، والكاريزما تحديدا، تنحصر أغلبها في علم النفس كعلم حديث يرجع تاريخه إلى القرن ال 19 وينقسم إلى فروع وتخصصات ومنها علم نفس الشخصية الذي اهتم به العالم النفسي سيغموند فرويد، أما الكاريزما ال فقد أسست فيها مادة علمية قائمة على أساس روحي مستقل تماما عن الأنماط التقليدية للشخصية مع دمجها بالتخاطر الروحي ماذا عن الجوانب الايجابية عن الشخصية الكاريزمية؟ يستطيع الشخص بكل سهولة أن ينقل المشاعر الإيجابية لمن حوله، وبالتالي يمارس نوعا من المشاركة الوجدانية معهم في أفراحهم وحزنهم. هذا من الجانب الوجداني، أما الجانب العقلي ففكر الشخص الكاريزمي يتجه دائما إلى الأمور الإيجابية حتى إذا حدثت له مشكلة ما سيكون قادرا على حلها ببساطة، بل ويلجأ له الآخرون عندما يواجهون المشكلات، لرقيه العقلي وسمو هذا الجانب لديه. هل بإمكان أي إنسان بناء شخصية كاريزمية لذاته؟ نعم, هناك أسس علمية ونفسية إذا تمكن أي إنسان من الالتزام بها وتطبيقها تطبيقا منتظما ومتواصلا، فأنها تؤهله للحصول ولو على جزء منها أو ربما كلها. الكاريزما من نعمة إلى نقمة في يد صاحبها هل للمرأة شخصية كاريزمية أم أنها تقتصر على الرجل فقط؟ الكاريزما لا تقتصر على جنس دون الآخر وإنما هي شخصية تكتسبها المرأة والرجل معا ولكن اليوم الكاريزما أصبحت صفة نادرة سواء بين الشباب أو الفتيات وإذا وجدت فإنها تصبح محط أنظار الجميع لكن للأسف عدم وجود الشخص الكفء الواثق في نفسه يعرض المرأة الكاريزما لأن تبقى وحيدة أو تفشل في ارتباطها العاطفي أو الزوجي، وهنا يجب أن ترى الفتاة صاحبة الكاريزما بشكل يجعلها مقبولة من المحيطين بها بحيث لا تثير مشاعر الغيرة في زميلاتها فتصبح غير مرحب بها لأن الشخص لا يستطيع أن يعيش في الدنيا بمفرده. لذا فإن تحول الكاريزما من نعمة إلى نقمة في يد صاحبها وبذكائه يمكنه جذب اهتمام وانتباه وحب الآخرين.وفي الخاتم أكد البروفيسور شهاب على أن كل أب وأم قادرين على خلق كاريزما في أبنائهم وعليهم تميزهم بشيء ما وذلك بعقد صداقة دائمة معهم فالكاريزما كما هي هبة هي صفة يمكن خلقها في أبنائنا ببذل كثير من الجهد لإخراج ما بداخلهم من صفات قوة وإبرازها.. هواري بومدين أعظم شخصية سياسية ومن الشخصيات الكاريزماتية التي عرفتها الجزائر شخصية الرئيس الراحل هواري بومدين هواري بومدين أعظم شخصية سياسية في الجزائر ومن أبرز الشخصيات والرؤساء العرب عبر تاريخهم، لذا فهو نموذج مرجعي ومفخرة كل جزائري. وقد وصفه السوسيولوجيون كشخصية ملهمة أو كاريزماتية، وهي شخصية لا يعاد إنتاجها، ولذلك بقيت محفورة في الذاكرة الجماعية كونها رمزية، جعلته يعد من عظماء التاريخ وعظماء التاريخ ليسوا أشخاصا عاديين، الذين جاؤوا في محطات تاريخية نادرة وغير قابلة للتكرار، وبرزت معهم أفكارهم الحديثة في ظروف ومنعطفات معينة، تماما كما حصل مع الرئيس رحمه الله، والذي صنع لنفسه وللدولة الجزائرية مجدا.