يتميز الاحتفال بالذكرى الستين لليوم الوطني للطالب لهذه السنة بدسترة الحقوق الأكاديمية وحرية البحث العلمي لتمكين الجامعة من اجل المساهمة بشكل فعال في تطوير الاقتصاد الوطني. ولهذا الشأن, فقد وضعت الدولة مسألة ترقية البحث العلمي و تطوير التكنولوجي ضمن أولوياتها وذلك بهدف تنويع الاقتصاد الوطني و التخلص من التبعية للمحروقات, من خلال تثمين نتائج البحث العلمي في المجال الاقتصادي. ولتجسيد هذا المسعى, كرس التعديل الدستوري الأخير الحريات الأكاديمية وحرية البحث العلمي وذلك في المادة 44 منه التي تنص على أن "حرية الابتكار الفكري و الفني و العلمي مضمونة للمواطن". كما عزز هذا التعديل قطاع البحث العلمي بإنشاء مجلس وطني للبحث العلمي و التكنلوجيات, يتولى مهمة ترقية البحث العلمي في مجال الابتكار التكنولوجي و العلمي , فضلا عن اقتراح التدابير الكفيلة بتنمية القدرات الوطنية في مجال البحث و التطوير. كما يتكفل هذا المجلس, بتقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة في تثمين نتائج البحث العلمي لفائدة الاقتصاد الوطني في إطار التنمية المستدامة. كما تدعم قطاع البحث العلمي بإنشاء الأكادمية الجزائرية للعلوم و التكنلوجيات في شهر نوفمبر المنصرم بهدف تطوير العلوم و تطبيقاتها. تتكون هذه الهيئة العلمية من 46 عضو ستة منهم من الجالية المقيمة بالخارج تم انتقائهم من طرف لجنة تحكيم دولية من بين 364 مترشح جامعي يمثلون مختلف التخصصات في العلوم و التكنلوجيا. وتتمثل مهام هذه الأكاديمية بصفتها هيئة مستقلة للامتياز الوطني, في المساهمة في تطوير وترقية العلوم والتكنولوجيات وتطبيقاتها وأداء دور الخبرة والاستشارة لمساعدة السلطات العمومية على اتخاذ القرار في مجال الخيارات الإستراتيجية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي. كما ستهتم هذه الهيئة العلمية بتشجيع الثقافة العلمية عبر بث ونشر نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وكذا المشاركة في النقاش العلمي حول كبريات القضايا العلمية الراهنة. وفي ذات الصدد, أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة يوم العلم أن الجزائر أولت "أهمية قصوى" للتربية والتعليم والبحث العلمي, وذلك بهدف رفع التحدي من أجل ضمان التربية السليمة القويمة للناشئة الجزائرية.وأكد في سياق متصل, أنه على الجامعات الجزائرية تكوين"نخبة متميزة من العلماء والباحثين في شتى حقول المعرفة والاختصاص لا تكون قادرة على مسايرة عصرها فحسب, بل وعلى المشاركة في إنجازاته, وتكون, في الوقت نفسه, واعية للمصالح العليا لوطنها ومشاركة حقا في حل المشاكل المطروحة بإلحاح على الشعب".و أوضح أن ذلك"لا يعني ذلك أن على الجامعة الجزائرية أن تتخلى عن البحث النظري وعن رسالتها الأكاديمية وتحصر رسالتها في الاستجابة لمتطلبات ظرفية. كلا عليها أن تجد الترتيب الأمثل للأولويات, الترتيب الذي يمكنها من إيجاد الموازنة السلمية, في كل المسائل التربوية, بين ضرورة أخد المتطلبات العاجلة للنهوض بالمجتمع في الحسبان وضرورة تطوير البحث الأساسي الذي لا غنى عنه".وفي ذات الإطار فإن السلطات العمومية تواصل مساعيها الرامية إلى ضمان حق المواطن في التعليم و يتجلى ذلك في التصاعد المضطرد لعدد المؤسسات الجامعية حيث بلغ عددها اليوم 107 مؤسسة 5ر1 مليون طالب جامعي,وذلك بعدما كانت الجزائر تضم غداة الاستقلال جامعة واحدة فقط يدرس بها حوالي 800 طالب. ومن المتوقع أن يستلم قطاع التعليم العالي و البحث العلمي مطلع الدخول الجامعي القادم 000 100 ألف مقعد بيداغوجي جديد و أكثر من 55 ألف سرير. نحو تعليم نوعي من أجل تلبية احتياجات الوطن وبغرض ترقية مستوى التعليم العالي و البحث العلمي نظمت الوزارة الوصية مطلع السنة الجارية ندوة وطنية لتقييم نظام (لسانس -ماستر-دكتورارة) ,حيث شكلت هذه الندوة التي عرفت حضور 800 مشارك ,فرصة للتأكيد على ضرورة النهوض بالنظام الجامعي ليكون أكثر فعالية لضمان سيرورتها مع تحديات ومتطلبات الاقتصاد الوطني. وقد توجت هذه الندوة بعدة توصيات منها الدعوة إلى تحيين مضامين وطرق تطبيق نظام التعليم العالي وكذا انتهاج أساليب عصرية في التسيير الإداري للجامعة ولهذا أبرز المشاركون أهمية توظيف إداريين أكفاء لتسيير الإدارة وفقا لمناهج عصرية. كما أوصت بضرورة مراجعة طرق الانتقال بين الأطوار الجامعية و تحيين برامج التكوين وتوفير الشروط الملائمة للحياة الجامعية مع تقليص عدد المسالك الخاص بالأطوار الجامعية الثلاثة و توحيد نمط الدكتوراه.