يقول الله عزّ وجلّ: {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُومِنُونَ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالْشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} سورة التوبة الآية .105 كلُّ مَن تلقاه يشكو دهرَه ألاَ ليت شعري هذه (الجزائر) لمَن وليعذرني الشاعر عن إبدال الدنيا بالجزائر، فقد عبّرت بلسان حال الكثيرين من أبنائها، فهذا يشكو الإدارة والآخر يشكو المسؤول والمسؤول يشكو المواطن وهلُّم جرَا. والواقع أنّ الإدارة اليوم قد بنَت فيها عنكبوت الرشوة بيتها، ونشأ فيها أخطبوط البيروقراطية والجهوية، فلا تكاد تتحرّك لتقضي حاجتك إلاّ بتحريك آلة المال أو الجاه، وهذه مصيبة كبرى وإرهاب خطير يأبى المصالحة السلمية إلاّ بضربة سيف ترجع للدولة هيبتها وللقانون سلطانه على النّاس، وهي الحلقة المفقودة في غياهب الإصلاحات المزعومة والخطابات الوعظية الارتجالية الّتي تندثر باندثار صدى الصوت الجهوري، إنّه الدواء الّذي ينبغي للدولة والقائمين على شؤونها أن يضعوه على داء الفساد المالي والإداري الّذي بات عائقًا حقيقيًا أمام التنمية وتحقيق العدالة، وإرهابًا يحجب حقوق المواطنين في ظلّ دولة الثورة والثروة، وهنا تحضرني كلمة بليغة لشيخ الإسلام ابن تيميه: (إنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). الحلقة المفقودة في بناء الدولة وتطور المجتمع هو غياب الحزم والعزم والإسراع في تطبيق القانون ومعالجة الداء الّذي كلّما طال أمده كلّما ازدادت رقعته ومضاعفاته والّتي من بينها تفشي الرشوة والظلم، ونتيجة لذلك انعدمَت الثقة بين المواطن ودولته وهو ما عبّر عنه من خلال مقاطعته للانتخابات الأخيرة، إنّها الحلقة المفقودة في بناء الثقة وتحقيق العدالة لدى شريحة واسعة من شباب وشابات أملهم في مستقبل واعد وغد أفضل في كنف الجزائر، الحلقة المفقودة لانتشار الأمن والقضاء على الجريمة الّتي تحدت المجتمع لتدخل حرم المدرسة بعد أن نشرت الرعب والخوف في الأزقة والشوارع في وضح النّهار كما في جوف الليل، وهنا أسجّل مرّة أخرى غياب حلقة الأسرة وتخليها عن واجب التربية والرقابة، كما فقدت حلقة مؤسسات الدولة الردعية والتّشريعية هيبتها وسلطتها (إذا لم تكن للحاكم هيبة فدولته ذاهبة). إنّ الحلقة المفقودة في بناء الدولة وتطوّر المجتمع هي أن يتحمّل كلّ جزائري أيًا كان منصبه ومسؤوليته الأمانة المسندة إليه، ولا يضرّه مَن ضلّ فخان ربّه ووطنه، ففي النهاية كلٌ سيجني ثمار عمله في الدنيا حيث محبّة النّاس لمَن أحسن ولعنتهم لمَن أساء.