ثمنت الطبقة السياسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية عملية التغيير الحاصلة في مصر بتنحي الرئيس حسني مبارك تحت ضغط الانتفاضة الشعبية، غير أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين وكذا تعاليق كبرى الصحف الأمريكية، كانت ممزوجة بكثير من التخوف من المرحلة القادمة التي من المنتظر أن يشرف عليها الجيش لتسيير المرحلة الانتقالية. في أول رد فعل له بعد تنحي مبارك، أكد باراك أوباما أن بلاده ستقف مع مصر بتقديم مزيد من المساعدات، غير أنه دعا القيادة العسكرية إلى الإسراع في تجسيد التحول إلى الديمقراطية. وأضاف أوباما أن مصر لن تعود أبدا إلى الوراء بعد أن تمكن شعبها من إيصال رسالته. ويعد هذا التصريح الأوضح من نوعه للإدارة الأمريكية منذ اندلاع الثورة الشعبية، حيث اكتفت تعليقات واشنطن السابقة بمتابعة الأوضاع والحث على انتقال ديمقراطي للسلطة. وذهبت الصحف الكبرى في الولاياتالمتحدة مثل ''نيويورك تايمز'' و''الواشنطن بوست'' و''لوس أنجلس تايمز'' وغيرها، إلى الحديث عن مرحلة ما بعد مبارك، حيث ركزت معظم تعليقاتها على دعوة الإدارة الأمريكية إلى الضغط على القيادة العسكرية الجديدة للإسراع في الانتقال الديمقراطي. غير أن هذه الدعوة جاءت ممزوجة ببعض المخاوف التي عبر عنها العديد من المحللين على محطات التلفزيون، خصوصا منها ما يتعلق بالاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، ومنها اتفاقية ''كامب ديفد''. وقد أجمعت معظم التعليقات على أن الحكومة المصرية القادمة مهما كانت تشكيلتها، فإنها ستحترم هذه المعاهدة، وهو ما يشير إلى شبه اطمئنان من قبل واشنطن على مستقبل حليفتها إسرائيل، بعد أن أثار سقوط مبارك شكوكا حول المخاطر التي تهدد الدولة العبرية، في ظل الدور الكبير الذي كان يلعبه مبارك طيلة الثلاثين سنة الماضية في حماية أمن إسرائيل وفق اتفاقية ''كامب ديفد''. وبالعودة إلى كرونولوجيا التصريحات الرسمية الأمريكية التي رافقت الأحداث المصرية وما صاحبها من تعليقات في وسائل الإعلام، فقد تبين أن واشنطن لم تكن في بداية الانتفاضة مستعدة للتضحية بالرئيس مبارك بالنظر لدوره المحوري، لكنها في الوقت ذاته لم يكن بإمكانها الوقوف ضد إرادة الشعب المصري، وهو ما جعل الموقف الأمريكي غير واضح طيلة الفترة الماضية. ويعتبر المراقبون أن اطمئنان واشنطن على مستقبل مصالحها في المنطقة وكذا أمن حليفتها إسرائيل، جعلها تضحي بحسني مبارك. وكانت العديد من التحاليل الإعلامية الأمريكية قد تحدثت عن الاتصالات بين المسؤولين العسكريين الأمريكيين والمصريين، الأمر الذي جعل المسؤولين الأمريكيين يؤكدون أن يوم الخميس الماضي هو آخر يوم في حكم مبارك، وفقا لما أسموه بتقارير استخباراتية.