''منحونا قنبلة موقوتة''.. بهذه العبارة، لخّص مسؤول في لجنة التنظيم بعنابة الضغط الكبير الذي عاشته السلطات المحلية، الأمنية وحتى الرياضية قبل، أثناء وبعد المقابلة التي احتضنها ملعب 19 ماي 56 بعنابة بين المنتخب الجزائري والمغربي، وهي المباراة التي أسالت الكثير من الحبر، ليس في جانبها التقني فحسب وإنما في جانبها التنظيمي، باعتبار أن التنظيم وبالرغم، حسب شهاداتنا الميدانية، من المجهودات الكبيرة التي بذلها الجميع، من بواب الملعب إلى والي الولاية، كان كارثيا إلى أقصى درجة. أجمع كل من تنقل إلى عنابة لتغطية الحدث الكروي، من إعلاميين جزائريين ومغاربة وحتى أجانب وحتى المناصرين وسكان مدينة ''بونة''، أن التنظيم لم يكن في مستوى الحدث الكروي، والأكثر من هذا، عشنا أحداثا مؤسفة توحي بأن المنظمين تجاوزهم الحدث، حتى لا نقول الزمن، بدليل ما حدث في عملية بيع التذاكر أو حتى قبل المقابلة عند الدخول، هذا دون أن ننسى ما حدث بعد المواجهة من إصابات، كان بالإمكان تفاديها. لا يشك أحد في المجهودات الكبيرة التي بذلها المنظمون، لكن طريقة تسييرهم هي التي بقيت وصمة عار، خاصة عند عملية بيع التذاكر التي خلّفت إصابات في صفوف رجال الأمن والمناصرين، كيف لا والمنظمون خصصوا نقطة بيع واحدة بملعب 19 ماي، وهو ما أحدث فوضى لا يمكن تصورها، بالنظر لتجاوز الطلب العرض، فالجميع أراد الحصول على تذكرة بأي ثمن، هذا دون الحديث عن السماسرة الذين زادوا من الطين بلّة. قبل بداية المقابلة، وبالرغم من التواجد الكثيف لرجال الأمن، إلا أن لا أحد نجا من التدافع، بما في ذلك الذين يملكون دعوات رسمية، حيث عاش المدعوون ساعات حالكة عند مقربة مدخل المنصة الشرفية، لأن الجميع يملك دعوة والجميع أراد الدخول، وهو ما أحدث فوضى عارمة. اعتراف أعضاء الوفد المغربي الإعلامي بحفاوة الاستقبال لم يمنعهم أيضا من الحديث عن بعض التجاوزات التي تعوّدنا عليها نحن، لاسيما رفض رجال الأمن السماح للإعلاميين القيام بعملهم، رغم أنه بحوزتهم كل الوثائق التي تثبت أنهم في مهمة التغطية لاغير. كما أن الضمانات التي قدمها مسؤولو مركب ملعب عنابة للإعلاميين بتوفير خدمة الأنترنت في الملعب كانت مجرد كلام فارغ فقط، حيث وجدنا أنفسنا في مواقف حرجة أمام الإعلاميين المغاربة، لعدم تمكنهم من إرسال تغطياتهم الإعلامية بسبب انعدام خدمة الأنترنت. هذه التجاوزات أثارت استياء كل الإعلاميين دون استثناء، لاسيما وأن بعض رجال الأمن وصل بهم الحد إلى دفع بعض الصحفين، رغم إدراكهم أن المهمة كانت التغطية الإعلامية وليس النزهة في ملعب 19 ماي. بعد نهاية اللقاء، وأمام الضغط الذي عاشه رجال الأمن طيلة أكثر من عشرة أيام ( أغلبهم قضوا ليلة المقابلة في الملعب)، استسلموا للإرهاق بعض الشيء، وهو ما انتهزه بعض اللصوص للقيام بعمليات نهب أمام الملأ، وهو ما أحدث حالة هلع كبيرة، كان بالإمكان تفاديها. كل هذه المعطيات لا تعني أننا نقلّل من شأن المنظمين الذين اجتهدوا فأصابوا مرة واحدة، لكن بغية التنبيه، خاصة وأن رئيس الفاف وكذا وزير الشباب والرياضة لمّحا لإمكانية نقل مقابلات ''الخضر'' القادمة إلى عنابة.