لقد انتشر في بعض المجتمعات البعيدة عن الإسلام وعن فهم معاني رسالة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم أنّ الإسلام قد يُقلِّل من شأن المرأة في بعض أمورها، وأنّ مفهومًا مثل (القِوامة للرجل) أو أنّ (ميراث المرأة نصف ميراث الرجل) هو تقليل من شأنها. ولكن مَن تدبَّر رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجد أنّ قِوامة الرجل على المرأة لا تعني أنّه القائد المتسلِّط وحده، وإنّما تعني ارتفاع مكانته درجة تتيح له اتّخاذ القرار في ضوء الشورى، وليس الانفراد الّذي ينفي إرادة المرأة وقدَرها، ولو لم يكُن هذا المضمون الإسلامي (للقوامة) لمَا أمكَن أن يكون كلّ من الرجل والمرأة راعيين في ميدان واحد، هو البيت، كما يقول سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ''كُلّكم راع، وكلّكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها'' أخرجه البخاري ومسلم. فهما إذن راعيان ومسؤولان في ذلك الميدان، والقوامة درجة أعلى في سلّم القيادة، ولكنّها ليست الاستئثار بالرأي، ولا التسلّط فيه. وأمّا ما انتشر عند بعض المجتمعات، نتيجة سوء الفهم، من كون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد جعل للمرأة نصف ميراث الرجل، ويظنّون أنّ المرأة في الإسلام تساوي نصف الرجل، فهذا المفهوم الخاطئ إنّما يعكس الجهل بالمفهوم الإسلامي لطبيعة المرأة من جهة، ولطبيعة التكافل داخل الأسرة المسلمة من جهة أخرى. حيث أنّ الإسلام وزّع المهام والمسؤوليات على أرباب الأسرة، فالإنفاق على الأسرة مسؤولية الرجل وحده، بينما المرأة مكفول حقّها في الإنفاق، إن كانت قبل الزواج فوالدها يُنفق عليها، وإن كانت متزوجة فزوجها ينفق عليها، حتّى لو كانت غنية، بل لو كانت أغنى من زوجها.