كشف أمس منتدى الأعمال الفرنسي الجزائري في يومه الأول عن عدة دلالات ومؤشرات، كما شهد تبادلا لرسائل مشفرة وضمنية بين الجانبين، خاصة بين وزيري التجارة بيار لولوش ومصطفى بن بادة، في وقت شددت باريس على رغبتها في الحفاظ على حصتها في السوق الجزائرية والتي عرفت تآكلا. ويرتقب أن يتم خلال المنتدى تحديد مشاريع مشتركة موازاة مع التوقيع على اتفاقيتين تخص فرع التأمين ''أكسا'' وإنتاج الزجاج لسان غوبان . شهد المنتدى الأول من نوعه الذي افتتح أمس بفندق هيلتون، مشاركة 150 مؤسسة فرنسية إلى جانب أكثر من 500 شركة جزائرية عمومية وخاصة، مع حضور إلى جانب جون بيار رافارين المسهّل الفرنسي، ووزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة محمد بن مرادي، ووزير التجارة مصطفى بن بادة، والفلاحة رشيد بن عيسى، وكاتب الدولة الفرنسي للتجارة بيار لولوش . وعلى الرغم من الطابع الاقتصادي للقاء إلا أن هذا الأخير لم يخرج من دائرة البعد السياسي أيضا، مع إبراز عدد من الرسائل التي تضمنتها مداخلات بيار لولوش ومصطفى بن بادة بالخصوص . ففي الوقت الذي شدد فيه الجانب الفرنسي عن استعداده لتطوير تواجد الشركات الفرنسية وتدعيم موقعه في السوق، وخاصة الحفاظ على حصصه التي عرفت تآكلا بتراجعها بأكثر من 10 بالمائة على، في ظل المنافسة الآسيوية والصينية بالخصوص، فإن باريس ترى بالمقابل أن على الجانب الجزائري أن يقوم بجهود أكبر لضمان استقرار الجانب التشريعي والتنظيمي وتوضيح قواعد اللعبة، تساعد المؤسسات الفرنسية على اتخاذ قرارات على المديين المتوسط والبعيد . كما حاولت بارييس على لسان بيار لولوش بالخصوص، التركيز على ضرورة الدخول في مرحلة جديدة في مجال الشراكة الجزائرية الفرنسية، من خلال التركيز على مسلمة ''من ينظر إلى الوراء عبر المرآة العاكسة يخطئ التقدير ويخطئ في الجزائر، لأن نسبة 65 بالمائة من الجزائريين والفرنسيين أيضا ولدوا بعد 1962، ويرغبون في التطلع إلى المستقبل بدلا من العيش في ظل آلام الاستعمار السابق وحرب التحرير . في نفس السياق، اعترف الجانب الفرنسي، بأن مفهوم ''منطقة النفود الخاصة'' قد ولّى، وأن المصالح الفرنسية مهددة بانفتاح السوق الجزائري على منافسين أقوياء، لا سيما الصين والدول الصاعدة . فضلا عن عدد من البلدان الأوروبية، مما يحتم على باريس اعادة النظر في توجهاتها، لتدارك التأخر المسجل وتدعيم تموقع المؤسسات، رغم التأكيد على أن فرنسا تظل أهم مستثمر خارج المحروقات في الجزائر ب 5,2 مليار أورو، وتواجد 450 مؤسسة حسب تقدير بيار لولوش . فقد أكد المسؤول الفرنسي أن ''حصة المؤسسات الفرنسية في السوق تراجعت من 30 بالمائة منذ بضع سنوات خلت إلى 15 بالمائة حاليا، علما أن السوق الجزائرية لم تعد تسيطر عليها المؤسسات الفرنسية، ولكن تشهد منافسة حادة من قبل الشركات الصينية والتركي والأوروبية . وعليه، فإن رسائل أخرى وجهت للشركات الفرنسية التي حضرت بقوة هذه السنة من أجل تحديد مشاريع يمكن تجسيدها مع التزام الطرفين بتقديم تسهيلات لها لتجسيدها. بالمقابل، فقد لاحظ وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة أن مستوى التعاون بين الجانبين لا يرقى إلى مستوى التطلعات، وأشار ضمنيا إلى أن المبادلات لا تزال غير متوازنة ومختلة لصالح الطرف الفرنسي، بدليل أن الواردات الجزائرية من فرنسا تضاعفت ما بين 2003 و2010 من 3 إلى 6 مليار دولار، بينما ظلت الصادرات الجزائرية مستقرة في حدود 3 إلى 5,3 مليار دولار . كما شدد بن بادة أيضا على ضرورة تجاوز المقاربة التجارية الغالبة إلى تطوير أهم للتدفقات الخاصة بالاستثمارات المباشرة . أن حجم المبادلات التجارية بين الجزائروفرنسا تبقى دون التطلعات ولا ترقى لمستوى الجهود المبذولة من قبل البلدين من أجل تطويرها. ودعا بن بادة إلى ضرورة دفع المبادلات التجارية، مؤكدا أن الجزائر بحاجة إلى شراكة مستدامة وشريك دائم . وإلى مرافقة في مسار بناء اقتصاد قوي ومتنوع خارج نطاق المحروقات، وانتقال الشراكة من الإطار التجاري إلى إطار تحويل حقيقي للمعرفة والتكنولوجيا . في وقت تبدي الجزائر استعدادا لوضع إطار قانوني مستقر ومرن لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار لفائدة المتعاملين الاقتصاديين.