يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: اليقين هو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافسَ المتنافسون، وإليه شمَّر العاملون، وعملُ القوم إنّما كان عليه وإشاراتُهم كلُّها إليه، وإذا تزوَّج الصبر باليقين، وُلد بينهما حصول الإمامة في الدِّين. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة .24 وخصَّ سبحانه أهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين، فقال وهو أصدق القائلين: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} الذاريات .20 كما خصَّهم سبحانه وتعالى بالهُدى والفلاح من بين العالَمين، فقال: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} البقرة 4 .5 فاليقين روح أعمال القلوب الّتي هي روح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصِّدِّيقية، وهو قُطب هذا الشّأن الّذي عليه مداره. و''التوكُّل'' ثمرة ونتيجة اليقين، ولهذا حسُن اقتران الهدى به، قال تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} النمل .79 فالحقُّ هو اليقين.