كانت وهران في أحلى حلتها، ليلة أول أمس. قصر مطل على البحر، بساط أحمر طويل، وفرق ''القوم'' على أهبة الاستعداد لإطلاق البارود لتحية ضيوفها، الذين حضروا لافتتاح الطبعة الخامسة، من مهرجان وهران للفيلم العربي، لكن الحفل الذي أعده الديوان الوطني للثقافة والإعلام لم يكن في مستوى فخامة ديكور قاعة العرض العملاقة ''لؤلؤة''. صنعت الممثلة المصرية هالة صدقي المفاجأة لدى حضورها حفل الافتتاح بعد إعلان المنظمين تأخرها، لتمتزج وللحظات، الأصوات المنددة بحضورها والمرحبة بذلك. كانت لحظات إنسانية مؤثرة، تلك التي تقاسمها الجمهور، خلال تكريم الممثلة فريدة صابونجي التي اعتلت الركح بخطاها المتثاقلة، وكلمة التونسية فاطمة بن سعيدان التي لخصت فلسفة المهرجان بقولها: ''من فتح الباب للفنان، أغلق باب الظلام''. بدأت الشمس تقترب من المغيب، عندما انطلقت مراسيم الافتتاح بقصر المؤتمرات أحمد بن أحمد شرق وهران، بحضور الفرق الفلكلورية وفرق الفنطازيا، كما كان جمهور وهران على عكس الطبعات السابقة في الموعد مع الحفل، بدليل حضوره المكثف الذي فاجأ المنظمين، الذي تجاوز الألفي شخص، ما جعلهم عاجزين عن التحكم في الوضع. وأسقط تقليد وصول الوفود وسير النجوم فوق البساط الأحمر، أمام الكاميرات وعدسات المصورين وحوله إلى ''اللا حدث''. واندهش الضيوف الذين دخلوا تباعا إلى قاعة العرض، التي تتسع لثلاثة آلاف مقعد، لروعة التحفة المعمارية، وهو ما جعل صحفيا تونسيا يقول: ''لم أشاهد قاعة بهذه الفخامة''. بعد أداء بالي الديوان الوطني للثقافة والإعلام لرقصتين لا علاقة لهما بالإبداع، رحبت محافظة المهرجان ربيعة موساوي بالحضور، تلتها كلمة الوالي الذي تغنى بجمال وهران ''مدينة هي لقاء بين الصخر والبحر... لا يجرؤ على وصفها سوى الصمت''، قبل إعلانه افتتاح المهرجان. وشكل صعود الفنانة هالة صدقي فوق الخشبة، عند الإعلان عن تركيبة أعضاء لجان التحكيم، مفاجأة المهرجان، بعد أن كان من المنتظر أن تصل الجمعة. حيث ارتفعت في القاعة للحظات أصوات منددة بحضورها، وامتزجت بأصوات مرحبة، كدليل على طيبة قلب الجزائريين وقدرتهم على الصفح، رغم عمق الجرح، خاصة عندما يتعلق بالشهداء. شهداء أهدى لهم الصحفي نور الدين عدناني تكريمه: ''لولا الشهداء لما كنا هنا، ورسالة زبانة لأمه كانت موجهة للأمة كلها فلنحافظ عليها''. كما ركز الرئيس الشرفي للمهرجان محمد بن صالح في كلمته التي استهلها بالأمازيغية على ضرورة وضع حد ''للظلام الثقافي بوهران، وجعل نهاية المهرجان بداية لحياة ثقافية حقيقة طيلة السنة''. بعد صور جماعية للمكرمين وأعضاء لجان تحكيم الأفلام الطويلة والقصيرة مع المحافظة، انطفأت الأضواء لعرض أول فيلم قصير ''الملعب'' للمخرج التونسي الشاب سليم علاء الدين، وبإنتاج مشترك مع الجزائري خالد بن عيسى سنة ,2010 حيث تدور أحداثه حول رياضة كرة القدم وتحولها إلى ''دين جديد'' لدى الشباب. أصداء الوهر - سقط الممثل محمد عجايمي في عدة هفوات، عندما أعلن عن اسم الحاج ملياني كعضو في لجنة التحكيم، رغم استبداله ببختي بن عمر. كما أخطأت بهية راشدي في اسم الممثلة التونسية المعروفة فاطمة بن سعيدان التي نطقتها '' فاطمة سعدان''. - يبدو أن ثقل السنين أثر على الممثلة القديرة فريدة صابونجي، التي وجدت مشقة كبيرة للصعود فوق الخشبة خلال تكريمها، وحتى صوتها كان خافتا بعد أخذها للكلمة. - وُفقت الممثلة التونسية فاطمة بن سعيدان خلال تكريمها، في اختيار كلماتها التي تجاوب معها الجمهور كثيرا. - تفنن الممثلان أحمد بن عيسى وسعيد حلمي في الرقص، على وقع أغاني الفنانة ريم حقيقي التي أطربت الحضور خلال مأدبة العشاء، بأجمل الأغاني الأندلسية، لكنهم جلسوا خلال أدائها لأغنية ''دور بها يا شيباني'' للتأكيد بأنهم لا يزالوا شبابا. أطال الله في عمر فنانينا.