عرف عرض فيلم ''كف القمر'' للمخرج خالد يوسف، أول أمس، حضورا مكثفا لمحبي الفن السابع الذين اكتظت بهم قاعة سينما ''السعادة''. الأمر عاد بحكم مكانة السينما المصرية في مخيلة الجماهير الجزائرية. كما لا يجب أن نغفل دور حضور النجمة السينمائية جمانة مراد للعرض في هذا الإقبال، وهو الجانب السحري في كل المهرجانات السينمائية. فيلم ''كف القمر'' 120 دقيقة، يروي قصة رغبة أم على فراش الموت رؤية أولادها الأربعة قبل الموت، وتكلّف الأخ الأكبر زكري (خالد صالح) للمّ شمل إخوته الذين أجبرتهم قساوة الظروف المعيشية في صعيد مصر لهجر مسقط رأسهم بحثا عن لقمة العيش وتفرقت الأسرة. وهو ما اعتبره خالد يوسف: ''دعوة للوحدة المتمثلة في الأسرة بمفهومها البسيط والحميمي''. لكن المخرج خالد يوسف تناسى أن ثورة شباب مصر هي ثورة على الأطر التقليدية القديمة، من أسرة وسلطة وزعامة، بدليل افتقاد حركة 25 يناير لزعماء أو قادة بالمعنى التقليدي للمفهوم. وهو ما جسده مشهد شقيق زكري وهو يقول له: ''نحن لسنا واحد وكل واحد منا واحد''، في إشارة إلى رغبة الفرد في التحرر من سلطة ''الشقيق الأكبر'' والأبوية. وكعادة أعمال خالد يوسف، تضمّن الفيلم مشاهد عن المولد والدراويش والأعراس التقليدية صور نمطية عن مصر. كما استعان بالرمزية في عدة مشاهد من الفيلم، وهي سمة امتازت بها سينما المخرج المصري صالح أبو السيف. ومن أمثلة ذلك مشهد ''بناء المنزل العائلي'' الذي يحمل إشارات إلى بناء مصر، تسمية الطفلة الصغيرة ''قمر'' نفس اسم جدتها التي توفيت في نهاية الفيلم: ''تعمدت تسمية الطفلة قمر كجدتها التي تتوفى في نهاية الفيلم للتأكيد على وجود خلف''. لكن كثرة استعمال الرموز والنهاية المتوقعة للفيلم أخلا ببنائه الدرامي. كما أن النزعة ''الوعظية'' التي اتسم بها العمل قللت من شحنته الدرامية. ويرى الكثير من المهتمين بالسينما أن الالتزام أو النضال السياسي للمخرج خالد يوسف بحكم نضاله مع حركة 25 يناير ومساهمته في هدم حائط سفارة إسرائيل بالقاهرة، كانت له بعض السلبيات على أفلامه على حساب السينما، خاصة بعد ترسخ الاعتقاد لديه أن أعماله الأخيرة كانت وراء التغييرات الحاصلة في مصر. وهو ما يضع المخرج خالد يوسف أمام خيار ثانيهما مر، إما السينما أو السياسية، بعد أن أكد في تصريحات أخيرة إمكانية انضمامه إلى حركة سياسية تتلاءم مع قناعاته الشخصية.