''أجود النّاس'' هكذا عبّر سيّدنا عبد الله بن عبّاس، رضي الله عنهما، عن شخصيّة النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، لتكون كلماته تلك شاهدةً على مدى كرمه عليه الصّلاة والسّلام وجوده. ولا عجب في ذلك، فقد كانت تلك الخصلة خُلقاً أصيلاً جُبِل عليه، ثمّ ازداد رسوخاً من خلال البيئة العربية الّتي نشأ فيها وتربّى في أحضانها، والشّهيرة بألوان الجود والعطاء. وتُبيِّن لنا أمّ المؤمنين السيِّدة خديجة، رضي الله عنها، تَحَلِّيه صلّى الله عليه وسلّم بهذه الخصلة قبل بعثته بقولها الشّهير: ''إنَّك لَتَصِل الرَّحم، وتحْمِل الكَلّ، وتكسِب المعدوم، وتُقْرِي الضيف''، وكلّها صفات تحمِل في طيّاتها معاني الكرم والجود. وكثيراً ما كان سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يمنَحُ العطايا يتألّف بها قلوب المسلمين الجُدُد. ففي غزوة حنين، أعطى كلاًّ من عُيَيْنَة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس وأبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية، رضي الله عنهم، عدداً كبيراً من الإبل، وعند عودته عليه الصّلاة والسّلام من تلك الغزوة، تَبِعَه بعض الأعراب يسألونه، فقال لهم: ''أتخشون عليّ البُخل؟ فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نَعَماً (أي أنعام)، لَقَسَمْته بينكم، ثمّ لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذوباً'' رواه أحمد.