تعالت أصوات هذه الأيام تتوعد الجزائريين بأنهم ''سيأكلهم الإرهاب'' إن هم لم يشاركوا في الانتخابات التشريعية القادمة التي شبهها بعضهم بثورة نوفمبر 4591، ومنهم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي خير الناخبات والناخبين بأن يتوجهوا بقوة إلى صناديق الاقتراع يوم 01 ماي، وإن لم يفعلوا فإن بلادهم ستسيطر عليها الجماعات الإرهابية. إنه كلام خطير من المفروض أن لا يتفوه بمثله شخص مثل أويحيى الذي يعرف جيدا أن الذين هزموا الإرهاب منهم أولئك الذين غزوا ساحة الشهداء في ربيع السنة الماضية من حرس بلدي ورجال الدفاع الذاتي وجرحى ومعطوبي الجيش، ومجموع الجزائريات والجزائريين الذين بقوا في الجزائر رغم كل ما خسروه. فتخيير الناخبين بين المشاركة في ''صناعة أثرياء جدد'' أو الإرهاب، يمكن تفسيره ببساطة بأنه ''مساومة''. وهنا مكمن الخطورة. لأن الأمر يعني ببساطة أن لا أحد يستطيع ضمان أمن الجزائريين إلا النظام القائم الذي يجب أن يستمر بعد 01 ماي القادم ببرلمانيين لن يكونوا مختلفين عن الذين أخلوا لهم المقاعد في قصر زيغود يوسف، ليواصلوا رفع الأيدي وتلقي الريوع. ولا يمكن أن يجهل الذين يساومون الجزائريين بالإرهاب، أن إرهابا آخر يمارس عليهم من طرف الذين يعتدون على حرماتهم هذه الأيام ويطرقون أبواب منازلهم في الليل والنهار ويقترحون عليهم 005 و0001 دينار مقابل منحهم نسخا عن بطاقات الهوية والناخب والتوقيع ليركبوا ظهورهم في اتجاه البرلمان. ولا يجهل أويحيى وحتى بوتفليقة أيضا، أن كثيرا من التشكيلات التي اعتمدتها وزارة دحو ولد قابلية وقبله من سبق زرهوني، لا تختلف في سلوكها عن ممارسات أصحاب السجلات التجارية المزورة. تقبض الملايين مقابل ختم دائري أو مربع يضمن للطامحين في ''الحصانة ومزاياها'' المشاركة في ''الانتخاب الذي يشبه أول نوفمبر''. ثم إن الانتخاب حق دستوري، يمارسه المواطن في الدولة التي تتوفر فيها الديمقراطية، حسب قناعته أو انتمائه السياسي أو الحزبي. وفي الدولة الديمقراطية توجد مؤسسات يجب أن تحترم الدستور وتطبقه لتحميه وتحمي اختياراته، ولا تخوفه ''بالقتل'' إن هو مارس حقه الدستوري في الامتناع عن المشاركة فيما قد يعتبره مهزلة. لأنها وجهة نظره التي يعبر عنها بطريقة سليمة. أما أن يمارس عليه دعاة المشاركة بقوة ''إرهابا بالإرهاب'' فإن في الأمر شيء مضمر يجب أن يحذر منه الناس، رغم أن الجزائريين لا يخافون الإرهاب. [email protected]