بعد سنوات من بث البرامج المسجلة، وبعد إخضاعها ل''ليفتينغ'' و''مكيجة''، بيّنت وفاة الرئيس بن بلة مستوى العجز الفني والإداري لليتيمة في نقل مجريات جنازة، لا تتعدى مسافة مسارها كيلومترات معدودة. وما زاد في ضعف الأداء في تشييع جثمان بن بلة إلى مثواه الأخير بمقبرة العالية، الصورة الصوتية التي ظهر بها الزميلان كريم وفريدة، من خلال تنشيطهما للبث المباشر الخاص بنقل مجريات الجنازة من القصر إلى القبر مرورا بمطار هواري بومدين. وباستثناء مشاركة المؤرخ الزغيدي، الذي كافح من أجل تسليط الضوء على محطات في حياة الثائر بن بلة، فإن ساعات البث الطويلة مرت وكأنها جلسة تعذيب معنوي وإعلامي، إلى درجة أن المئات من المواطنين (اتصلوا بالجريدة) اضطروا إلى قطع الصوت والاكتفاء بمشاهدة الصورة دون تعليق، للإفلات من مطرقة كريم وسندان فريدة. كيف لا والخروج عن النص وعن الظرف الحزين كان بارزا عن سبق إصرار وترصد، إذ بذل الثنائي الجنائزي قصارى الجهد لدعوة الجزائريين لإنجاح إصلاحات بوتفليقة بالانتخاب يوم 10 ماي على نواب البرلمان الجدد، بالموازاة مع تكرارهما نداء استجديا من خلاله المواطنين للخروج والاصطفاف على طول مسار الجنازة بشارع ديدوش مراد وشارع جيش التحرير الوطني والديار الخمس لتوديع الراحل الرمز. هذا عن أداء الزميلين كريم وفريدة. أما عن الجانب الفني أو التقني، فحدّث ولا حرج. فلا يمكننا تفسير مصدر الزغاريد التي تعالت دون توقف في شارع جيش التحرير الذي لم يكن واقفا على جنباته سوى رجال الشرطة ! لقد أبدع القائمون على التلفزيون في الإساءة إلى بن بلة، الذي لم يتوقف يوما عن انتقاد الوضع الراهن. وصارع الأحادية في الرأي والرداءة في التلفزيون. وكره كرها شديدا ''ضرب الشيتة''.. كان حري بزملائنا في شارع الشهداء الاكتفاء بنقل الصورة، وتمكين صحافي أو مذيع ضليع في الوصف من التعليق، مثلما يحدث في العالم. أملنا ألا تتكرر مثل هذه المخالفات، وأملنا أيضا الابتعاد عن توظيف مصيبة مثل الموت لأغراض سياسية، لأن بن بلة لا يستحق منا ذلك، وهو أكبر من أن يقحم اسمه وتاريخه في بورصة انتخابية، لأنه باختصار عاش ومات كبيرا، متحسرا على ما آلت إليه الأوضاع في بلدنا، بسبب ما نعرف وما لا نعرف من المشكلات.. رحم الله بن بلة وعاشت الجزائر.