أمس، احتفل الصحفيون بيومهم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة لأهنئ العائلة الصحفية والإعلامية في الجزائر والعالم.. وأجدّد قناعتي بأنّ الأمر لم يعد يتعلّق بالنضال من أجل تكريس حريّة الكلمة وملاحقة الحقيقة في الشوارع والصالونات وخلف الأبواب المغلقة.. إنّما المعركة هي مع المهنيّة التي تضمن الشفافية في الممارسة والموضوعية في الطرح والقدرة على تشكيل الرأي العام.. وأعتقد جازما أن سقف الحرية هو المهنيّة، وسقف المهنيّة هي الأخلاق، مثلما يكون سقف الحرية في أي مجتمع هو الاختلاف، وسقف الاختلاف هو التسامح.. ورأيت في ميركاتو هذا الأسبوع أن أتناول شيئا من الحِكم التي وردت على ألسنة أهل الكرة، أو الكورجية كما يطلق عليهم، لما فيها من أشياء تحسب لهم، كأهل حكمة ورأي وثقافة. فهذا غاري لينيكر يقول بعد مونديال 0991 ''كرة القدم ابتدعها الإنجليز، لتلعب بأحد عشر لاعبا، ويكون الفوز للألمان دائما''. وأبدع عشاق برشلونة في تحويل هذه المقولة إلى ''إنّ كرة القدم لعبة سهلة، يتبارى فيها أحد عشر لاعبا لمدة تسعين دقيقة، ويكون الفوز دائما حليف برشلونة..''. ومن أشهر أقوال بيلي شانكلي، مدرب ليفربول في السبعينيات، ''كرة القدم سهلة، تسبب في تعقيدها أناس لا يعرفونها''، ليستعيرها منه السينمائي بيتر ميلان بقوله: ''السينما مثل كرة القدم، لعبة سهلة، لكن قام بتعقيدها الأغبياء''. أمّا كرويف فيقول: ''كرة القدم سهلة، لكن من الصعوبة أن تلعب بسهولة''. أما خبير الإشهار سيرج أوزان فيرى أن ''الإنجليز اخترعوا كرة القدم، والفرنسيين وضعوا لها القوانين، والإيطاليين قاموا بتطبيقها في الميدان''، لكنه لم يقل من أفسدها؟ ويقول بيرنار فيبر: ''كرة القدم تسمح للشعوب بالتألق أمام العالم، دون النظر إلى مسألة اللغة والثقافة والثروة''. أما المدرّب ريمون غوتالز فيذكر في أحد تصريحاته أنّ ''إيريك كونتونا قال له: لا يحق لك أن تضعني على كرسيّ الاحتياط. فأجابه: يمكنك أن تأخذ كرسيا وتجلس إلى جانبي''. وروى لي أحدهم واقعة لشيخ المدربين الجزائريين إسماعيل خباطو أنّه كان يشرف على فريق من الدرجة الثانية، وحدث أن احتجّ أحد اللاعبين القادمين من القسم الأول على عدم إقحامه في المباراة بقوله: هل تعتقد أنك تدرب برشلونة؟ فرد عليه خباطو: ''لا يا وليدي، لا هذي برشلونة ولا أنت مارادونا..''. ويقول المختص في الخيال العلمي، الكاتب الأمريكي جون كيسيل: ''يحدث أن ينظر المدرب إلى لاعبيه بقلبه، لكنه يحكم عليهم بعينيه''. ويصنّف المدربين إلى ''مدرب رديء هو من يتكلم، ومدرّب جيّد هو من يتقن الشرح، ومدرّب ممتاز هو من يبرهن بالدليل، وهناك المدرب الأفضل الذي يبدع ليتأثر به الآخرون''. ولخبرته الطويلة في الملاعب، يقول المدرب البرتغالي أرتور جورج ''عندما يفوز الفريق، يرفع المدرب إلى أعلى، وعند الخسارة تدوسه الأقدام..''. ومن المقولات التي سرت على ألسنة الناس قول زيدان ''لا تهمّ نتائج اللاعب الشخصية، إنّما الأهم هو أن يكون الفوز أو الخسارة مع المجموعة''. وأشهر من تحفظ مقولاته هو النجم الإيرلندي جورج بيست الذي قال مرّة ''أنفقت كثيرا من المال على الكحول والنساء والسيارات، وبذّرت بقية المال''. بينما يقول الفهد الكاميروني سامويل إيتو: ''إنني أجري مثل أيّ أسود لأنعم بحياة أي رجل أبيض..''. ولبلاتيني تصريحات ذكية مثل: ''عندما يكون الألمان سيئين يذهبون إلى النهائي، وعندما يلعبون جيّدا يفوزون''. ويذكر العالم مباراة 0791 بين البرازيل وإنجلترا التي تألق فيها الحارس الإنجليزي غوردون بانكس، إذ صرّح بيلي: ''نعم سجلت هدفا في مرمى الإنجليز، لكن الحارس بانكس أوقف الكرة''. هذه الكرة التي حيّرت العالم، قال بشأنها الكاتب والكوميدي الفرنسي فانسان روكا: ''الوحيد الذي لا يتلقى أجرا هي الكرة، مع أنها أكثر من يتلقى الضربات''. هذه الكرة التي يقول بشأنها مارادونا في تحدّ للبرازيليين خاصة: ''ما تصنعه قدمي ببرتقالة، لا يقوم به نجوم آخرون..'' إلاّ ميسي لاحقا. وعن فلسفة الربح والخسارة في الكرة تقول ''الحياة مثل كرة القدم، وحدها النتيجة من تحدد طبيعتها''. وتقول حكمة أخرى إنّ ''الانتصار الأكبر هو قبول الهزيمة''، ويعطي إيريك كونتونا بعدا آخر لهذه الحالة بقوله: ''أنا لا ألعب ضد فريق معيّن، إنما ألعب ضد فكرة الخسارة''. ويضيف الكاتب الفرنسي ألفريد كابوس: ''أنا لا ألعب من أجل الفوز أو الخسارة، ولكنني ألعب لأعرف إن كنت سأفوز أو سأخسر''، لأن الرياضة كما يقول بيرنار أركان: ''هي وحدها التي تقاس بها قيمة الإنسان بالميليمتر والأجزاء من الثانية''. باعتبار أن ''الثقة هي الإسمنت الخفي الذي يقود إلى الانتصار''، كما يقول اللاعب الأمريكي بود ويلكنسون. ورغم هذه المقولة اللطيفة، فإنّ الفرنسي لوران روكيي يصرّح ''على الأقل، في كرة القدم، لا يمكن للأمريكيين أن يعطونا دروسا''. وللمدرّب الفرنسي لويس فيرنانديز مقولة شهيرة: ''سر الانتصار سهل جدا: لقطة بعد أخرى، وكرة بعد أخرى، ومباراة بعد أخرى، وموسم بعد آخر..''. ويضيف قائلا: ''الفوز لا يأتي بالتقليد، إنّما بالابتكار''، لأنّ ''الرياضة تبحث عن الخوف لتسيطر عليه، والتعب لتقهره، والمصاعب لتنتصر عليها''، كما جاء على لسان أحد رموز الحركة الرياضية العالمية، بيار دي كوبيرتان. فمن الطبيعي، كما يقول أندرو ويليامس، ''إن الناس لا يولدون منتصرين، ولكنهم يعملون ليكونوا كذلك''. ورغم أنّ الأخطاء البشرية جزء من كرة القدم، وهي جزء من متعة الكرة أيضاً، فهناك من لا يتردد في القول ''ما فائدة الغش إذا لم يكن الهدف هو الانتصار؟''، ومثلها يقول المدرب الأمريكي فانس لومباردي: ''ما جدوى عدّ النقاط إذا لم يكن الأهم من ذلك الفوز؟''، وبالتالي ''من يلعب يخسر، هو منطق رياضي، لأن الإحصائيات لا تخطئ، ومع هذا فعلى الإنسان أن يلعب، ولو كانت حظوظه ضئيلة؟ هكذا يقول الخبير الإنجليزي نورمان ريد. وضمن هذه الرؤية، يقول الروائي ميلان كونديرا بخبرة الكاتب: ''أثناء اللعبة لا نتمتع بالحرية، فاللاعب ينظر دائما إلى أنه أمام فخّ''. وآخر ما قرأت للكورجية، تصريح بيب غوارديولا الذي قال: ''شعرت بأنّ الملل يمتد إلى نفسي فقررت أن أستريح..''. حتّى وأنت تدرب الفريق الأكثر إبداعا في العالم، تشعر أحيانا بالملل.. فماذا لو كنت مدربا لفريق.. ممل ورديء ؟ [email protected]