سيدي امحمد بن علي.. هذه المدينة الجميلة المعروفة باسم ''رونو''، رغم وقوعها بولاية غليزان، إلا أن طقسها يختلف اختلافا كليا عن عاصمة الولاية، المعروفة بحرارتها الشديدة صيفا. لكن، إذا تقدمت شمالا عبر الطريق الوطني 90 صاعدا منطقة ''الحقاف'' باتجاه سيدي امحمد بن علي، تحس بتغيير جذري في الجو، من حار إلى بارد منعش. كانت مدينة سيدي امحمد بن علي عبارة عن غابة كثيفة الأشجار، تتوسطها أودية وينابيع عذبة، يعود تاريخها إلى العهد الفينيقي، حيث توافد عليها البربر والرستميون والرومان والأتراك، إلى أن سقطت المنطقة في يد الاحتلال الفرنسي الذي استقر فيها عام 1871 وبنى فيها دارا للبلدية في سنة 1876 ثم أطلق عليها اسم ''رونو''، نسبة إلى أحد القادة الذي قتل في حربها مع الألمان. ولهذه المدينة التي تعتبر همزة وصل بين أقاليم غليزانومستغانموالشلف، مميزاتها خلال فصل الصيف، فأبناؤها المهاجرون يتوافدون عليها بكثرة لابتياع ذكريات ''لبلاد''، ويتهافتون على اقتناء البدلات الرياضية التي تحمل ألوان العلم الوطني، رغم ارتفاع أسعارها. وللأعراس أيضا ''نكهتها'' في هذه المدينة الجميلة، إذ تعرف إقامة 60 حفل زفاف في كل صائفة، ينطلق الاحتفال فيها من مساء يوم الثلاثاء إلى السبت، وتدوي فيه منبهات السيارات وأنغام ''الزرنة'' ودق الطبول، وتزين فيه المائدة بطبق الكسكسي. شرائح أخرى من المجتمع الغليزاني الصغير تقصد يوميا المقاهي ومحلات بيع المرطبات، التي تفتح أبوابها للزبائن من الساعات الأولى من الصباح إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، تمتلئ خلالها عن آخرها في أوقات بث مباريات بطولة أوروبا للأمم. ويقول لطفي، صاحب أكبر محل لبيع المثلجات بالجهة، إن أسعار مواد صناعة المرطبات ارتفعت ارتفاعا جنونيا، ومواد أخرى أضحت نادرة، مؤكدا أن تلك المواد صارت تذهب كلها إلى الجنوب، لأسباب لم يجد لها تفسيرا، موضحا أنه لولا تجار الشلف، لأغلقت محلات المثلجات بغليزان. وفي أيام الجمعة، يهجر غالبية السكان المدينة باتجاه شواطئ البحر، فمنهم من يفضل شواطئ الشلف، أمثال بحارة، الفلتة، الدشرية، سيدي عبد القادر... وآخرون يقصدون شواطئ مستغانم، كعين ابراهيم والميناء الصغير وويليس وبوسكي، ليعودوا في وقت متأخر، وكل الوسائل صالحة للذهاب، حتى الدراجات النارية بأنواعها.