على عكس التصريحات المتفائلة للسلطات العمومية، تبقى الجزائر رهينة واردات الأدوية بصورة كبيرة. فقد شهد السداسي الأول من السنة الحالية ارتفاعا محسوسا في واردات مختلف أصناف الأدوية قيمة وحجما، حيث بلغت فاتورة استيراد الأدوية 172, 1 مليار دولار مقابل 878 مليون دولار السنة المنصرمة أي بزيادة تفوق 297 مليون دولار. وتظل المخابر الفرنسية تمثل أغلب المقتنيات الخارجية الجزائرية من الأدوية بنسبة تتجاوز 60 بالمائة. تكشف آخر الإحصاءات المتوفرة لدى مصالح الجمارك الجزائرية والتي تحصلت عليها ''الخبر''، أن الواردات الجزائرية من الأدوية والمواد الصيدلانية عرفت ارتفاعا معتبرا، حجما وقيمة، فقد بلغت 1172631512 دولار مقابل 878562380 دولار في 2011، كما قدرت الكمية المستوردة من قبل الجزائر في السداسي الأول من سنة 2012 بأكثر من 16 ألف طن، مقابل 9,10 آلاف طن في السداسي الأول من .2011 وتتضمن واردات الجزائر من الأدوية هذه السنة مضادات حيوية ولقاحات وأدوية مخصصة للأمراض المزمنة الرئيسية، منها السرطان والضغط الدموي والسكري وأيضا عدة منتجات صيدلانية واستشفائية لا تزال الجزائر تستوردها بكميات كبيرة، لعجز المؤسسات الصناعية المحلية عن تصنيعها محليا أو تلبية حاجيات السوق المحلي. وتكشف الأرقام والإحصاءات عن عجز الجزائر عن تلبية حاجياتها بنسبة كبيرة من قبل الصناعة المحلية، حيث لا تتجاوز قدرة الصناعة المحلية حاليا أكثر من 35 بالمائة، بينما تم تحديد بلوغ نسبة اكتفاء ذاتي في حدود 70 بالمائة في غضون 2014 وهو مستوى يؤكد الخبراء بشأنه بأنه مستحيل التحقيق على المدى القصير، بالنظر إلى ثقل الإجراءات المتصلة بالاستثمار وتأخر عدد من المشاريع الصناعية، في انتظار تجسيد عدد من المشاريع الخاصة والأجنبية من بينها مصنع ''صانوفي أفانتيس'' ومصنعي مجمع ''عنتر ترايد بن حمادي'' في منطقة سيدي عبد الله، إلى جانب مشاريع أخرى يرتقب أن ترى النور في سياق اتفاقيات شراكة جزائرية دولية. وفي سياق متصل ورغم تنويع الجزائر لمصادر تموينها في السوق الدولية، تبقى المخابر الفرنسية هي الغالبة في تجارة الأدوية باتجاه السوق الجزائرية بأكثر من 60 بالمائة. وتقدر حصة باريس في سوق الأدوية الجزائرية بمعدل 550 إلى 660 مليون أورو سنويا، ما يضعها دائما في موقع قوة، رغم أن الجزائر تتعامل حاليا مع حوالي 40 إلى 45 دولة أجنبية في مجال استيراد الأدوية والمواد الصيدلانية، منها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وسويسرا والأردن وايران والهند، إضافة إلى دول من أمريكا اللاتينية وآسيا. ومع ذلك تبقى الحصة الفرنسية تمثل النسبة الغالبة منذ عشرية من الزمن، وهو ما يتأكد دوريا من خلال الإحصاءات التي تقدمها الهيئة الفرنسية للمؤسسات المصنعة للأدوية ''ليم'' والتي أفادت في آخر تقرير لها بأن الجزائر استوردت من فرنسا العام 2011 ما قيمته 600 مليون أورو وهي مصنفة ضمن الدول العشرة الأوائل عالميا بالنسبة لصناعة الأدوية الفرنسية، مع دول مثل الولاياتالمتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، والجزائر أيضا مصنفة كأول بلد عربي وإفريقي في الترتيب العام لأهم زبائن الصناعة الفرنسية للأدوية.