الصحابي الجليل عبد الله بن جحش، رضي الله عنه، ابن عمّة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأخو السيدة زينب بنت جحش، زوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. كان من السّابقين إلى الإسلام، حيث أسلم قبل دخول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، دار الأرقم بن أبي الأرقم. عُذِّب عبد الله في سبيل الله، إلى أن خرج مهاجرًا إلى الحبشة مع المسلمين المهاجرين إليها فرارًا بدينه، ثمّ دعاه الحنين إلى مكة، فعاد إليها مع العائدين من الحبشة، وظلّ بها صابرًا على ما يلاقيه من أذى، حتّى أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وبعد أن استقر المقام بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المدينة، بعث سرية من المسلمين لترصُّد عير قريش القادمة من الشام وتعرّف أخبارها، وقال للصّحابة الّذين تجهّزوا لهذه السرية: ''لأبعثن عليكم رجلا أصبركم على الجوع والعطش''. ثمّ اختار الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، عبد الله بن جحش، وجعله أميرًا على أوّل سرية يبعثها. وفي غزوة أحد، وقف عبد الله بن جحش مع سعد بن أبي وقاص يستعدان للمعركة، ثمّ انطلقَا إلى ساحة القتال، فقاتل في سبيل الله، وأظهر الشجاعة والبسالة، حتّى إنّ سيفه كسر من كثرة قتله للمشركين. فأعطاه الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، عرجون نخلة، فتحوّل هذا العرجون الضعيف في يده سيفًا صارمًا، يقاتل به الأعداء. وبعد طول قتال، رزقه الله الشّهادة في سبيله، حيث هجم عليه أحد المشركين وضربه بسيفه ضربة شديدة، فاضت بعدها روحه إلى بارئها، ثمّ قام هذا المشرك بقطع أنفه وأذنه، فسُميَّ المجدَّع في الله (أي المقطوع الأنف والأذن). وكان عمره آنذاك بضعًا وأربعين سنة، ودفن رضي الله عنه بجوار أسد الله، حمزة، في قبر واحد، بعد أن صلَّى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.