الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، رضي الله عنه، عُرِف بحُسن الخلق ورجاحة العقل. وُلِدَ بمكة المكرمة، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس، وكان يكنى أبا السائب. أسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً، وكان عمره آنذاك ثلاثين عاماً، وعاش في حماية الوليد بن المغيرة. وكان رضي الله عنه ممّن حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وتعرّض لأذى المشركين، وشارك إخوانه المسلمين في محنتهم. هاجر مع المسلمين إلى الحبشة، وأخذ معه ابنه السائب، وكان عثمان أمير الفوج الأوّل إلى الحبشة. وحينما أذِن الرّسول، صلّى الله عليه وسلّم، للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر معهم عثمان، وعاش مع المسلمين حتّى جاءت غزوة بدر، فقاتل مع المسلمين. وكان عابداً زاهداً، يجتهد في العبادة. ومكث عثمان بعد غزوة بدر عدة أيام يشارك المسلمين فرحة النصر على أعداء الله، ولكنّه لم يدم طويلاً، فسرعان ما مرض مرضاً شديداً حبسه في بيته، فزاره النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ليطمئن عليه، وشاء الله أن يكون مرض الموت، فمات رضي الله عنه، فقَبَّله الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وغسَّله، وكفَّنه، وصلّى عليه، ثمّ دفنه بالبقيع، وقال له وهو في مثواه الأخير: ''ذهبتَ ولم تلبس منها (الدنيا) بشيء'' أخرجه مالك.