''راهو جاء الكونترول''، هي العبارة التي استقلبنا بها تجار سوق علي ملاح لبيع الخضر والفواكه بساحة أول ماي بالعاصمة، في مهمة رفقة فرقة لقمع الغش تابعة للدائرة الإدارية لسيدي أمحمد بالعاصمة لمراقبة السلع والأسعار، والوقوف على أهم الحيل التي يستعملها التجار في رمضان. رافقنا المفتشات فتيحة بسيود، بن عواج فلة وديب خديجة، إلى سوق علي ملاح، الذي يعرف تهافت عدد كبير للزبائن خلال شهر رمضان. عدم احترام درجة حرارة حفظ اللحوم وغياب النظافة، انعدام ملصقات الأسعار، جهل مصدر بعض السلع، هي من بين أهم المخالفات التي سجلتها فرقة قمع الغش. بمجرد أن دخلنا أحد المحلات لبيع الدجاج، تغيرت ملامح وجه صاحبه، وبعد أن أظهرت له أحد المفتشات بطاقتها المهنية، راح يحضر سجله التجاري وملفه الطبي، بينما قامت أخرى بقياس درجة حرارة ثلاجة حفظ الدجاج بواسطة ترمومتر لتكتشف أن درجة الحرارة بلغت 24 بالمائة، عوض 4 الى 6 بالمائة المعمول بها في حفظ اللحوم، وهنا واجهت المفتشة صاحب المحل بما هو مدوّن على الترمومتر، فارتبك قبل أن يرد قائلا: ''أظن أن درجة الحرارة تغيرت بسبب فتح باب الثلاجة من أجل وضع البضاعة التي وصلتنا في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا من المذبح ببوزريعة''. غير أن كلامه لم يقنع فرقة التفتيش ليطلبوا منه التقرب من مصلحة قمع الغش للدائرة الإدارية لسيدي أمحمد في اليوم الموالي بعد تسليمه استدعاء. وعند خروجنا من المحل شد انتباهنا حركة غير عادية للتجار، لتخبرنا إحدى المفتشات أن بعضهم يحرص على الاتصال هاتفيا بزملائه في المحلات المجاورة ليخبرهم بوجودنا لتدارك أي مخالفة قد يقعون فيها، إذ يسارعون في تنظيف المحل وتعليق ملصقات الأسعار مثلا. غير أنه من سوء حظ صاحب محل آخر لبيع الدجاج والبيض أنه لم يكن له الوقت الكافي لتنظيف المكان، فأول عبارة رددتها إحدى المفتشات ''سيدي النظافة منعدمة في محلك''، وهنا التفت يسارا وهو يقول بصوت منخفض ''يا سبحان الله العظيم''، كان القلق باديا على وجهه وهو يبحث عن السجل التجاري. وفي هذه الأثناء أخرجت إحدى المفتشات أكياسا سوداء بها دجاج من أسفل الثلاجة، لتخبره أنها ممنوعة لكنه رد عليها ببرودة أعصاب ''لست على علم بذلك''. سجلت المراقبة هذه المخالفة على ورقة الاستدعاء، لتقوم زميلتها بتفتيش علبة الأدوية فتتفاجأ بصرصور يخرج منها، وهي المخالفة الثانية التي دوّنت على ورقة الاستدعاء التي استلمها وهو يقول ''حالت جميع المبيدات في القضاء على الصراصير''. ومن محلات بيع الدجاج إلى أخرى لبيع اللحوم الطازجة والمجمدة، الإقبال عليها كان كبيرا جدا من الزبائن، دخلنا محلا لبيع اللحوم المجمدة، كانت الأسعار غير ملصقة، غير أن الأدهى من ذلك أن إحدى المفتشات أخرجت من غرفة تبريد قطعة كبيرة من اللحم المجمد لا تحمل أية ملصقة، وعندما سألت صاحب المحل عن مصدرها قال: ''هو لحم مستورد من الخارج اشتريته من مستورد من منطقة باب الزوار وأبيعه ب 1200دينار للكلغ الواحد''، لتخبره أيضا أنه يمنع بيع اللحم المجمد مفروما، وممنوع استعمال النشارة في تنظيف بلاط المحل، وهنا رد عليها مبتسما ''اللهم زدني علما''. وفي محل لبيع اللحم الطازج، تنصّل أحد الباعة من مسؤوليته بعد تسجيل عدة مخالفات، إذ قال أنه يعمل لدى صهره خلال رمضان فقط، ولا يعرف جيدا أبجديات التجارة. أخبرته المفتشة أنه يمنع استعمال مصابيح ملونه ذات لون وردي، وهي بمثابة خدع بصرية تجعل اللحم ظاهريا طازج للزبون، في حين أن درجة الثلاجة كانت 18 درجة مئوية، إضافة إلى أن المحل غير نظيف، ليرد البائع ضاحكا ''أتعبني رمضان، أعدكم أنه عندما تعودون مرة أخرى ستجدونه نظيفا، وسأخبر صهري بهذه المخالفات بعد عودته من أداء مناسك العمرة''. فرقة قمع الغش سجلت أيضا مخالفات في محل لبيع المواد الغذائية، أين كان صاحبه يعرض مواد للبيع لا تحمل ملصقات، منها فطر قال بأن مصدره إيراني اشتراه من شخص من موزاية بالبليدة دون فاتورة. وبعد جولة قصيرة داخل سوق علي ملاح، سجلت فرقة قمع الغش 8 مخالفات لتكون وجهتنا هذه المرة محلات بيع الحلويات والزلابية بساحة أول ماي، حيث أخبرتنا إحدى مرافقاتنا أن أغلب أصحابها غيّروا نشاطهم التجاري، رغم أن القانون يمنع ذلك. انتقلنا الى محل آخر كانت جدرانه تتزيّن بصور لا تدل على نشاط بيع الزلابية، بل بيع البيتزا والشاورما، طلبت أحد المفتشات من البائع السجل التجاري فأخبرها أنه عند ''المعلم''، ليتصل به هاتفيا ويخبره قائلا: ''جاو الكونترول''، غير أن المفتشة حررت له استدعاء.