حذر خبراء اقتصاديون من احتمال تكرار أعمال العنف التي شهدها العالم سنة 2008 على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمي. ولم يستبعد الخبراء وقوع اضطرابات واحتجاجات ''الجوع'' بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في منطقة المغرب العربي الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا. رجح خبراء ومختصون في الغذاء العالمي أن تشهد دول مثل مصر ومنطقة المغرب العربي والساحل موجة من الاضطرابات الاجتماعية جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم قدرة المواطنين في هذه المناطق مواجهة موجة الغلاء الذي بدأت تلوح في الأفق جراء ارتفاع أسعار أهم المنتوجات الزراعية بأكثر من 6 بالمائة في شهر جوان الماضي واشتداد أعمال المضاربة في البورصات العالمية. وتعد دول مثل مصر والمغرب العربي ومنها الجزائر ودول منطقة الساحل الإفريقي من أهم الدول المستوردة للحبوب نظرا لارتفاع استهلاكها الداخلي وما يقابله من نقص وتراجع في الإنتاج العالمي لدى أكبر الدول المنتجة ومنها روسيا وأكرانيا وكزاخستان. هذه الدول الثلاث التي تعرضت محاصيلها للتلف جراء حرارة الجو، تمثل ربع صادرات الحبوب في العالم. بدورها تواجه الولاياتالمتحدةالأمريكية أسوأ فترة جفاف لم تعرفها البلاد منذ عام 1956، مما تسبب في كارثة بالنسبة لإنتاجها من الحبوب، فيما يهدد إعصار ''النينو'' بإتلاف محاصيل دولة الأرجنتين التي تعتبر من بين أهم منتجي الحبوب في العالم بمعية فرنسا التي حققت هذه السنة قفزة نوعية تجاوزت 36 مليون طن من القمح، أي بزيادة نسبتها 8 بالمائة عن .2011 وتحدث الخبراء في منظمة ''الفاو'' بأن أزمة المواد الغذائية لا تسير نحو الانفراج لكون العالم يستهلك أكثر مما ينتجه من المواد الغذائية بعدما تحولت عدة دول صاعدة إلى استعمال المنتوجات الفلاحية لإنتاج البنزين ''الايتانول''، وهو ما جعل أسعار المواد الغذائية ترتفع في جوان بنسبة 6 بالمائة. وحسب الخبراء فإن العالم لم يستخلص الدروس من احتجاجات العنف التي عرفتها الكثير من الدول جراء صعود أسعار الحبوب في الأسواق الدولية، وكل المؤشرات تشير إلى احتمال تكرارها في 2012 و2013، خصوصا في دول مثل مصر والمغرب العربي، منطقة القرن الإفريقي ومنطقة الساحل. وإذا كانت الجزائر قد استطاعت مواجهة موجة غلاء المواد الغذائية في جانفي 2011 عقب ما عرف باحتجاجات ''الزيت والسكر''، وذلك بما كانت تملكه الحكومة من فائض في مداخيل المحروقات، فإن تأرجح أسعار النفط ما بين 90 و100 دولار للبرميل في السداسي الأول والثاني من سنة 2012، قد أفقد خزينة الدولة ما يقارب 20 دولار عن كل برميل، وهو ما دفع بحكومة أحمد أويحيى لمباشرة مخطط ''تقشفي'' في مشروع قانون المالية لسنة 2013، مما يعني أن أحداث جانفي قد تتجدد ثانية في حال استمرار ارتفاع أسعار الحبوب في السوق الدولية وعجز الحكومة عن مواجهته.