قرية ''السبعة'' بالطارف تستعد لإقامة حفل العزاء للرئيس الراحل تنقلت ''الخبر''، أمس، إلى القصر الرئاسي بمسقط رأس الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، بقرية السبعة الرملية الساحلية في ولاية الطارف، حيث تجري الاستعدادات وسط عائلته وأهاليه وعرشه لإقامة حفل العزاء الرسمي، غدا الثلاثاء. وهناك التقينا بمن تبقى من رفاق دربه في السلاح والمنشأ لازالوا على قيد الحياة، ومنهم المجاهدون فلاح محمد، أحمد مالك جلول وداغري صالح المدعو البلدي، وثلاثتهم من أتراب الرئيس الراحل، مع فارق بسنة إلى سنتين لا أكثر. في دردشة مع هذا الرعيل الأول من الثوار الذين عايشوا ابن قريتهم في الجهاد، أجمعت شهاداتهم على أن الشاذلي بن جديد التحق بصفوف الثورة التحريرية بمسقط رأسه بقرية السبعة وكان عمره 27 سنة، وهذا بعد عودته مباشرة من المعارك الميدانية بالهند الصينية، حيث كان يؤدي الخدمة العسكرية الفرنسية كضابط غير مفوض. وبمجرد تسريحه وعودته إلى موطنه، اشتغل موسما فلاحيا كمراقب لتحويل محصول التبغ لفائدة ''طابا كوب'' بونة سابقا عنابة حاليا. وتفيد شهادة رفيقه بالجهاد المجاهد محمد فلاح بأن الشاذلي بن جديد، وفي جلسة مقهى محلية بقرية السبعة، ذات مساء من خريف ,1956 جاءه شخص مرسول مجهول الهوية، وانفرد به عن الجماعة وأبلغه كلاما مكتوما عن البقية. وقتها قال الشاذلي للجماعة بالمقهى (أترككم جميعا في رعاية الله). وفهم صاحب المقهى، الصادق الشطاري، رسالة المرسول، ودعا لمتلقيها بأن يجعل الله منه قائدا عسكريا فذا للمنطقة. وفي منتصف ذات الليلة التحق الشاذلي بن جديد بكتيبة القائد شويشي العيساني المرابضة بمنطقة السبعة، ومن هنا انطلقت حياته العسكرية الثورية. وفي ظرف قصير، عين نائبا لشويشي العيساني لخبرته العسكرية ومستواه الدراسي. ومن مميزات الرجل، طيبته وتواضعه مع الجميع، جنودا وشعبا بالمنطقة، ومعاملته الحسنة جعلته يكسب محبة الجميع وسط المجاهدين والقياديين والمناضلين والفئات الشعبية بكافة ربوع إقليم الناحية الشرقية التي ضمت ولايتي سوق أهراس والطارف حاليا. وكان الراحل يصر على المشاركة في كل العمليات الميدانية ويتابع باهتمام نتائجها، تضيف شهادات رفقائه الثلاثة. وأكثر ما يحزنه إصابة أي جندي بجروح، حيث كان يحزن على ذلك ويضرب عن الطعام لمدة يومين أحيانا، كما كان سباقا وفي مقدمة القوافل التي تتولى فك أسلاك خطي شال وموريس لعبورها وتمرير المؤونة والسلاح لبقية الولايات التاريخية. وعرف عنه أنه خجول لا يطلب المسؤولية والقيادة بقدر ما تفرض عليه بعد إجماع المحيطين به قادة وجنودا. ومعروف عنه في نشأة شبابه أنه ودود وبشوش مع الجميع، وكان سباقا في فك الخلافات بين أترابه، وهي المميزات الأخلاقية التي حملها وعمل بها وسط المجاهدين، جعلته أكثر اتزانا في لم الشمل والتضامن والتسامح، وكانت من أهم الصفات الإنسانية التي تضاف إلى مؤهلاته وخبراته العسكرية وقادته للتدرج في مسؤولية القيادة، إلى أن أصبح نائبا للرائد عبد الرحمان بن سالم. الشاذلي بن جديد ثالث إخوته في المولد من بين 5 ذكور وأنثى واحدة، من أب واحد هو المجاهد الهادي بن جديد، وبطن أم واحدة هي الصالحة بن جديد. وهو شاب، حسب رفاق نشأته، كان يحلم بأن يعمل شيئا ما يبقى راسخا في التاريخ.