لجأت المئات من الأسر الفقيرة، عبر عدة ولايات بالجنوب، إلى شراء أضاحي من صغار الجمال، لمواجهة ارتفاع سعر الأضاحي من الضأن. وتشترك بعض الأسر في جمل واحد واقتسام لحمه، بغرض التوفير في التكلفة. ارتفعت أسعار المواشي الإفريقية إلى مستوى غير مسبوق، ما جعلها بعيدة عن متناول الفقراء في الجنوب، ودفع الأمر هؤلاء للجوء إلى بدائل أخرى أقل كلفة، أهمها الإبل، حيث بلغ عدد الجمال الصغيرة التي بيعت في يوم واحد، في السوق الأسبوعي للمواشي بغرداية، 32 رأسا، وهو عدد كبير بالمقارنة مع الأيام العادية. وجرت العادة ألا يتعدى عدد الجمال المبيعة 6 أو.7 ويتزايد الطلب على شراء صغار الجمال، أو ما يسمى على المستوى المحلي ب''الحاشي'' أو ''الحوار''، في عدة ولايات الجنوب قبل أيام من حلول عيد الأضحى. ويعود سبب لجوء مئات الأسر إلى شراء الجمال الصغيرة وتقاسم لحمها، إلى عجزهم عن توفير ثمن الأضحية. وفي سابقة أولى، تخطى سعر صغير الماعز الذكر (الجدي) مليون سنتيم بمناطق الجنوب، وهو ثمن مبالغ فيه، على اعتبار أن لحمه أقل جودة من لحوم الضأن. وقد دفع هذا الارتفاع الكبير لسعر الماعز بعد الماشية، فقراء الجنوب إلى فكرة أن تتشارك عدّة أسر في أضحية واحدة، بشراء جمل صغير أو ''حاشي''. ويقول علال عبد الباقي، مربي إبل من متليلي بولاية غرداية: ''سيشهد عيد الأضحى لهذه السنة أعلى معدل للتضحية بالإبل، ففي كل يوم تقريبا، أتلقى طلبات من أشخاص يرغبون في شراء ''حاشي''، ويكون هؤلاء في الغالب من 5 إلى 7 أسر، قرّرت أن تتشارك في أضحية واحدة من أجل توفير الثمن''. ويضيف المتحدث: ''لا يتعدى سعر أحسن حاشي 8 ملايين سنتيم، ويمكنه توفير حتى 3 قناطير من اللحم الأحمر ذي النوعية الجيّدة، وهو أفضل حلّ بالنسبة للفقراء، الذين يمكنهم بهذه الطريقة أن يحصلوا على أكبر كمية ممكنة من اللحم الأحمر، وبأقل سعر ممكن''. وقد أدى ازدياد الطلب على لحوم الإبل في غرداية ومناطق الجنوب إلى ارتفاع استيرادها من مالي والنيجر مرورا بتمنراست وأدرار، في إطار تجارة المقايضة، ليتم تهريبها بعد ذلك إلى ولايات وسط الصحراء. وبات سعر بعض أضاحي من الضأن مساويا لسعر جمل صغير في بعض الأحيان، مع الفرق الكبير في كمية اللحم. وتم تفسير الإقبال الواسع على شراء الأضاحي من الجمال، هذا العام، بارتفاع سعر المواشي الإفريقية القادمة من مالي والنيجر، بسبب زيادة الإقبال عليها في الجزائر، وارتفاع وتيرة تهريبها إلى مستوى قياسي. وتتميز لحوم صغار الإبل بجودتها ومذاقها، الذي يرجع الفضل فيه إلى الكلأ الصحراوي الذي تقتات منه قطعان الإبل. ويقول جلول، وهو جزار من تمنراست ل''الخبر''، إن عشرات الإبل الإفريقية تصل يوميا إلى تمنراست وتختفي بسرعة عن الأنظار، بسبب الإقبال الكبير عليها من طرف المضحين والتجار القادمين من ورفلة وغرداية. يشار إلى أن سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الإبل، وبالتحديد صغير الناقة، في قصابات تمنراست يتراوح بين 450 إلى 500 دينار، بينما يصل إلى 800 دينار في غرداية.