توضح نتائج الانتخابات المحلية أن ادعاء جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بأن اعتماد نسبة إقصائية مرتفعة نسبيا سيحل مشكل ''فسيفساء المجالس المنتخبة'' أمر غير صحيح، قياسا للعدد المرتفع للمجالس المحلية التي جاء فيها الفوز نسبيا وليس مطلقا. ويلاحظ في نتائج التصويت تجاوز عدد الأوراق الملغاة عتبة المليون، كما يمكن ملاحظة تقدم الحزب ''العلماني'' لعمارة بن يونس وتراجع مطلق للإسلاميين. لم يمكن رفع النسبة الإقصائية إلى سبعة بالمائة التي راهن عليها حزبا الموالاة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي من إزالة ظاهرة تنوع الأحزاب المشاركة في المجالس المنتخبة البلدية والولائية، حيث لم يتجاوز عدد البلديات التي حققت فيها أحزاب الأغلبية المطلقة ال391 بلدية فقط من أصل 1541 مجلس بلدي، ما يعني أن العهدة المقبلة ستشهد نفس الصراعات الشهيرة بين المنتخبين والتي عطلت مصالح كثير من المجالس. وفي قراءة لنتائج الانتخابات، فإن عدد الأوراق الملغاة بلغ مستويات قياسية سواء في الانتخابات البلدية أو الولائية، ما يحيل إلى أن عددا كبيرا من الذين صوتوا لم يكن لهم أي خيار من بين جميع القوائم المرشحة وغير مقتنعين بقوائم ال52 حزبا المتنافسة، حيث بلغ عدد الأوراق الملغاة في الانتخابات البلدية مليونا و700 ألف و961، في حين بلغت في انتخابات المجالس الولائية مليونا و263 ألف و,494 كما يبين فارق المشاركة بين البلديات والولايات أن الناخبين لا يثقون في المجالس الولائية، حيث صوت كثيرون على قوائم البلديات ولم يشاركوا في انتخاب أعضاء المجالس الولائية. وتبين النتائج تصاعد حظوظ الأحرار، حيث حققوا المرتبة الثالثة في عدد البلديات التي ستسير بأغلبية مطلقة والمرتبة السادسة في ترتيب البلديات التي حققوا فيها الأغلبية النسبية، والمرتبة السادسة أيضا في عدد المقاعد المحصل عليها في المجالس الولائية. ويبدو تقدم الأحرار واضحا في ولاية تيزي وزو مثلا حيث حصدوا 136 مقعد، ويعني ذلك أن شعور الناخبين بعدم الوثوق في الظاهرة الحزبية بشكل عام في تزايد مستمر. وإن كان تقدم الأفالان والأرندي متوقعا ''على الورق'' بحساب عدد القوائم التي دخلوا بها المحليات، فإن النتائج تشير إلى تراجع نتائج التيار الإسلامي، حيث جاء تكتل الإسلاميين في مرتبة متأخرة (حل سابعا) في عدد المجالس البلدية التي ستسير بشكل مطلق بحصول أحزابه الثلاثة (حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح) على الأغلبية المطلقة في 10 بلديات فقط، ونفس الأمر بالنسبة لنتائج هذا التيار على مستوى المجالس الولائية حيث لم يحصل التكتل على أي أغلبية. ومقابل تراجع الإسلاميين، تشير الانتخابات إلى تصاعد تمثيل التيار العلماني عبر الحركة الشعبية الجزائرية التي اعتمدت قبل التشريعيات التي جرت في شهر ماي الماضي، ويقود الحزب الوزير عمارة بن يونس، حيث حل خامسا في ترتيب الأحزاب التي حققت أغلبية مطلقة في البلديات، وثالثا في ترتيب الأحزاب التي فازت بأغلبية نسبية في البلديات أيضا، وثالثا أيضا في عدد المقاعد في المجالس الولائية بحصوله على 103 مقعد. وشهدت ولاية الجزائر العاصمة أدنى نسبة مشاركة وطنيا، وعادة كانت العاصمة تحل في المرتبة الثالثة بعد ولايتي بجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل.